خلال أشهر قليلة، سيتم حل أحد أعقد الألغاز التكنولوجية على الإطلاق، بتكلفة تصل إلى 22 مليار دولار، مما يجعلها أغلى تجربة علمية في تاريخ البشرية.

المفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي

هذا المشروع العملاق، المعروف باسم المفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي (ITER)، يعد أضخم إنجاز علمي وهندسي في مجال الطاقة. لم يتم إنشاء أي شيء بهذا الحجم والقياس من قبل، حيث يمتد على منصة تبلغ مساحتها 42 هكتارًا، بعرض يصل إلى 400 متر، ما يعادل مساحة 60 ملعب كرة قدم.

إذا نجح هذا المشروع، فإنه سيشكل مخططًا جديدًا لإنتاج الطاقة المستقبلية في العالم، من خلال آلة عملاقة تستخدم التفاعل النووي لإنتاج الكهرباء.

الاندماج النووي.. طاقة المستقبل

الاندماج النووي هو العملية الأساسية للحياة، حيث يعتمد على دمج نوى الذرات لإطلاق كميات هائلة من الطاقة، وهي نفس العملية التي تحدث داخل النجوم.

كل ما نشهده اليوم في هذا المشروع هو محاكاة لنجم قديم ملتهب، حيث تتم استعارته من خلال تفاعل الاندماج النووي.

التحكم في جوهر الطبيعة

العلماء ينظرون إلى هذا المشروع باعتباره نقلة نوعية في مجال الطاقة، حيث يتيح تطوير والتحكم في جوهر الطبيعة ولُبِنَات بنائها الأساسية. هذا التطور قد يمهد الطريق لعصر جديد من الطاقة المستدامة، بعيدًا عن الوقود الأحفوري والانبعاثات الضارة.

مستقبل الطاقة المستدامة

إذا نجح المفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي (ITER) في تحقيق أهدافه، فقد يكون بداية ثورة في عالم الطاقة، حيث يوفر مصدرًا غير محدود وآمن ونظيف للكهرباء، دون الانبعاثات الضارة الناتجة عن الوقود الأحفوري.

يعمل العلماء والمهندسون على تحقيق اندماج نووي مستدام، يمكنه إنتاج طاقة أقوى بعشرات المرات من أي مصدر آخر، مما قد يؤدي إلى الاستغناء عن الوقود الأحفوري تمامًا.

تحديات وآفاق المشروع

رغم التقدم الهائل في المشروع، فإن التحديات التقنية والهندسية لا تزال كبيرة، حيث يتطلب الاندماج النووي درجات حرارة تصل إلى 150 مليون درجة مئوية، وهي أعلى بعشر مرات من حرارة مركز الشمس.

يستخدم المفاعل مجالات مغناطيسية هائلة للحفاظ على البلازما في حالتها المستقرة، مما يجعله أحد أكثر المشاريع الهندسية تعقيدًا في العالم.

متى يمكن أن يصبح الاندماج النووي واقعًا؟

وفقًا للعلماء، فإن المفاعل سيبدأ أول اختباراته الفعلية في عام 2025، ومع تقدم الأبحاث والتطوير، من المتوقع أن يتم إنتاج طاقة اندماجية تجارية بحلول منتصف القرن الحالي.

إذا تحقق ذلك، فإن البشرية قد تدخل عصرًا جديدًا من الطاقة النظيفة والآمنة، مما سيغير مستقبل الكوكب بشكل جذري، ويضع حدًا لأزمات الطاقة التي تواجه العالم اليوم.