نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التشتت وعدم اليقين.. واقع نيمار الزجاجي الجديد - عرب فايف, اليوم الثلاثاء 14 يناير 2025 10:14 مساءً
اكتفى نيمار دا سيلفا سانتوس جونيور، لاعب فريق الهلال الأول لكرة القدم وقائد منتخب البرازيل، بمشاهدة فريقه وهو يخسر فرصة المنافسة على كأس خادم الحرمين الشريفين بركلات الترجيح أمام الاتحاد، وأيضًا وهو يشاهد فرحة رفاقه باستعادة صدارة دوري المحترفين، في الفرح والحزن لا يملك نيمار حاليًا سوى الفرجة، مشاركتهم أفراحهم، ومواساتهم في أحزانهم.
يقينًا، لا يعلم نيمار إلى أين سيذهب في الشتاء قبل الصيف، هل هناك فرصة للبقاء مع الهلال، والمشاركة فعليًا، بعد أن تعافى من الإصابة الثانية التي تعرض لها قبل أسابيع، أم أنه سيغادر قريبًا، تجديد العقد؟ قصة مؤجلة حاليًا.
يوشك عقد نيمار، على الانتهاء دون أن يستفيد منه الهلال بشكل فعلي، الأمر الذي يجعل مسيري النادي الأزرق قلقين من فكرة تجديد العقد، خوفًا من التعرض لإصابة جديدة تحرمهم من قدراته الخارقة، التي لا يُعرف يقينًا، كم تضررت من الإصابات المتلاحقة.
بعد خمس مباريات فقط مع الهلال سقط النجم البرازيلي ضحية لقطع في الرباط الصليبي أبعده لعام كامل، بخلاف إصابة عضلية لاحقة غاب على إثرها لأسابيع طويلة، شارك قبلها أقل من شوط واحد، موزعة على مباراتين قبل أن يسقط مصابًا مجددًا، ليوشك أن ينتهي بأقل حصيلة مباريات في تاريخه.
يقف نيمار وحيدًا، لا يعرف ماذا يفعل، للمرة الأولى منذ أن مارس كرة القدم في 2009، يوشك موسمه أن ينتهي وهو لا يعرف مصيره، تعود دائمًا أن تكون وجهته محددة، في البرازيل، في إسبانيا، حتى في فرنسا، لم يعرف أبدًا حالة عدم اليقين التي يعيشها حاليًا مع الهلال.
كثيرة هي الاحتمالات، ولكن لا أحد منها واضح بشكل يرسم مستقبل واحد من أهم لاعبي البرازيل في العقد الأخير، ما بين الرحيل إلى أمريكا للحاق برفيقي دربه، الأرجنتيني ليونيل ميسي، والأوروجوياني لويس سواريز نجمي إنتر ميامي الأمريكي، أو التجديد للهلال، أو العودة للبرازيل، حيث بدأ، ثلاثة مسارات أمام النجم البرازيلي، ولكنه لا يعرف يقينًا أين سيأخذه القدر.
"لا أحد يعلم ماذا سيحدث في كرة القدم"، هكذا ألمح نيمار في حديث تلفزيوني، قبل شهرين، ولكن يبدو الباب الأمريكي مغلقًا، راتبه الضخم الذي اعتاد عليه منذ أن غادر البرازيل لا يجعل الأمر سهلًا، يعترف الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو، مدرب إنتر ميامي، بذلك: "الالتزام باللوائح الخاصة بسقف أجور اللاعبين في الدوري الأمريكي مقارنة بالمبالغ الضخمة التي تقاضاها نيمار تجعل الأمر مستحيلًا".
ليس الراتب فقط ما يقف حجرة عثرة في طريق أي خطط مستقبلية لنيمار، الذي غاب عن المباريات الرسمية فعليًا منذ منتصف أكتوبر 2023، بعد أن تعرض إلى قطع في الرباط الصليبي للركبة، خلال مواجهة منتخب بلاده أمام الأوروجواي في تصفيات كأس العالم، تاريخه مع غرف العلاج يبدو مقلقًا لأي ناد يفكر في التعاقد معه، من ذلك الوقت لم تزد الدقائق التي لعبها عن 42 دقيقة.
يملك نيمار الملقب بـ"الزجاجي" سجلًا حافلًا بالإصابات تعرض لـ 39 إصابة مختلفة، بما فيها إصابتي قطع في الرباط الصليبي، غاب بسبب تلك الإصابات عن 235 مباراة على مستوى الأندية والمنتخبات منذ 2009.
غاب بسبب الإصابات 700 يوم عن باريس سان جيرمان ما بين عامي 2017 و2023، بينما غاب في 147 يومًا خلال 4 أعوام قضاها في صفوف برشلونة، ومع الهلال تجاوزت مدة غياب نيمار عن الملاعب الـ440 يومًا، والأرقام في تزايد، وهي أطول مدة غياب عاشها في تاريخه الرياضي بشكل متواصل.
في الأعوام العشرة الأخيرة، تعرض نيمار لشتى أنواع الإصابات، في الركبة، والكاحل، والفخذ، وحتى العمود الفقري وكسر في مشط القدم، منذ موسم 2013 الذي شهد بروزه خارج البرازيل.
في أول مواسمه مع برشلونة في عام 2013 غاب نيمار 57 يومًا، وفي الموسم التالي غاب 37 يومًا، ثم 39 يومًا في الثالث، أما آخر مواسمه مع النادي الكاتالوني فغاب 14 يومًا فقط، كان أفضل موسم له في الملاعب، بعد رحيله المفاجئ لباريس سان جيرمان، في موسم 2017. غاب في البداية 115 يومًا، كانت بداية صادمة، تلاها 180 يومًا في الموسم التالي، ثم 77 يومًا في الثالث، و95 يومًا في الرابع، استمر الوضع كما هو في موسم 2021 الذي غاب فيه عن المباريات 111 يومًا، وفي آخر مواسمه في باريس، غاب 139 يومًا، ليصل للهلال محملًا بإصابة سابقة، غيبته عن الفريق نحو أسبوعين، لم يشارك بسببها إلا في الثالث من سبتمبر، مع أنه تم تقديمه في 16 أغسطس.
قبل أن يغيب لفترة طويلة بسبب قطع الرباط الصليبي الثاني في مشواره الرياضي، بعد 366 يومًا من الغياب، مباراتان فقط دخلهما بديلًا قبل أن يصاب مجددًا خلال مواجهة استقلال طهران الإيراني، 4 نوفمبر الماضي، ضمن الجولة الرابعة من دوري أبطال آسيا للنخبة، ليعود لغرفة العلاج، أكثر مكان يعرفه في النادي.
يقضي نيمار يومه في الهلال بشكل منفرد تقريبًا، مع طبيبه الخاص، ومدربه الشخصي، متنقلًا بين ملعب التدريب وغرفة العلاج، هذه التوليفة أخرت عودته من إصابة الرباط الصليبي أربعة أشهر أكثر من المعدل الطبيعي للإصابة، عادة ما تجرى عملية رتق الرباط الصليبي فورًا، ولكن مع نيمار تأخر نحو ثلاثة أسابيع، أعلن عن إصابته في 17 أكتوبر، ولكنه لم يخضع للجراحة إلا في الثاني من نوفمبر.
مشوار حافل
مثل أي لاعب برازيلي آخر، عشق نيمار كرة القدم منذ الصغر، أمضى جزءًا كبيرًا من حياته المبكرة في الهجرة مع عائلته وراء كرة القدم، حاول والده من خلال كرة القدم ومختلف الوسائل الأخرى توفير احتياجات أسرته، بما في ذلك العمل كميكانيكي، وبائع، وسائق.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها نيمار الأب اللاعب السابق، فإن الأسرة كانت تكافح في كثير من الأحيان لتغطية نفقاتها الضرورية، وفي بعض الأحيان، كانوا يقضون اليوم دون كهرباء.
ومثل أي طفل برازيلي عادي، الشيء الوحيد الذي كان نيمار يحبه دائمًا هو كرة القدم، تعلم الطفل اللعب في الشوارع القريبة من مسقط رأسه، وفي سن السادسة، اكتشفه أحد كشافي المواهب وبدأ اللعب لصالح نادي سانتوس في البرازيل، ليسير على خطى الأسطورة بيليه.
تم الترويج له على الفور باعتباره "الشيء الكبير القادم"، أعطى سانتوس نيمار عقدًا يدفع له 2000 دولار شهريًا وهو في سن 15 عامًا قبل أن يصبح محترفًا، وبحلول سن 16 عامًا أراد سانتوس التأكد من توقيعه مع الشاب الواعد على المدى الطويل، ومنحوه عقدًا غير مسبوق بقيمة 23000 دولار شهريًا قبل أن يصبح محترفًا، وبحلول سن الـ 17، أصبح نيمار أحد أبرز المواهب الواعدة في عالم كرة القدم، وتمت ترقيته إلى الفريق الأول، ليخوض أول مباراة احترافية له، في 7 مارس 2009، بفوزه 2ـ1 على أويستي، كان نيمار يقود سانتوس إلى مستويات لم يشهدها منذ أيام بيليه وروبينيو.
في موسمه الأول مع سانتوس، سجل نيمار 14 هدفًا في 48 مباراة في جميع المسابقات، انبهر المشجعون ووسائل الإعلام بمهارة وتألق الجناح الجديد، وبعد عام واحد فقط من ظهوره الأول، ضاعف نيمار إنتاجه ثلاث مرات وبدأ في الفوز بالبطولات، فاز ببطولة الدوري وكأس البرازيل، وتوج مستوياته العالية بلقب هدّاف الدوري للمرة الأولى من بين ثلاثة ألقاب متتالية وجائزة أفضل لاعب في العام أربع مرات متتالية، وساعد الفريق على الفوز بكأس ليبرتادوريس، للمرة الأولى منذ 48 عامًا، ليخترق قلوب عشاق النادي كسهم "روبن هود" الناري، خاصة بعد أن فاز بلقب أفضل لاعب في أمريكا الجنوبية لعامين متتاليين، 2011، و2012، الآن بات جاهزًا للرحيل لأوروبا، حيث المال والشهرة.
لقد كان من المعجزة أن يستمر نيمار في البرازيل كل هذه المدة، ولكنه بالفعل كان على وشك الانتقال لتشيلسي الإنجليزي، غير أن اتصالًا من الأسطورة بيليه أقنعة بالبقاء في البرازيل، ونفض فكرة الانتقال للندن عن رأسه، يومها أقنعه أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم أن "البقاء في سانتوس واجب وطني".
في عيد ميلاده الـ 20 في عام 2012، سجل هدفه الاحترافي الـ100، وأنهى موسمه بإجمالي 43 هدفًا وهو أفضل رقم في مسيرته، في العام التالي بات نيمار أول رياضي برازيلي يزين غلاف مجلة تايم بظهوره في عدد الرابع من مارس، بات نيمار مستعدًا للانطلاق لأوروبا التي تناديه، ليوقع عقدًا لمدة خمسة أعوام، مع برشلونة، مقابل 57 مليون يورو، دفعها النادي الإسباني لسانتوس، كانت أكبر صفقة يعقدها النادي البرازيلي في تاريخه.
عامان فقط وبرهن نيمار على أنه يستحق كل سنت دُفع فيه، بعد أن ساعد برشلونة في الفوز بثلاثية بطولة الدوري الإسباني وكأس الملك ودوري أبطال أوروبا.
خلال فترة نيمار في برشلونة، فاز البرازيلي بلقبين للدوري، ولقب واحد لدوري أبطال أوروبا، وثلاثة ألقاب لكأس ملك إسبانيا، وكأس للعالم، وسجل 105 أهداف في 186 مباراة خاضها بالقميص الكاتالوني.
رغم تحقيق البطولات، كان يتوق للخروج من تحت عباءة الأرجنتيني ليونيل ميسي، ليتخذ في أغسطس 2017 قرارًا كان الأكثر إثارة للجدل، الانتقال لباريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 222 مليون يورو دفعها النادي الفرنسي لكسر عقده الإسباني، ليغير شكل كرة القدم، وينقلها لعالم آخر أكثر بذخًا.
جعلت هذه الخطوة نيمار اللاعب الأعلى أجرًا في العالم حينها، براتب سنوي يبلغ 45 مليون يورو، ولكنها كانت حقبة مليئة بالإصابات، وغرف العلاج، فظهر نيمار في 30 مباراة فقط خلال موسمه الأول مع باريس سان جيرمان، وسجل 28 هدفًا للنادي قبل أن يكسر عظمة في قدمه اليمنى، ثم تعرض لإصابة أخرى في القدم في الموسم التالي، رغم أنه تعافى في الوقت المناسب لمساعدة ناديه على الفوز بلقب الدوري الفرنسي، ولكنه كان لقبًا في اليد، لا شيء جديد فيه.
في موسمه الثاني، لعب نيمار 17 مباراة فقط في الدوري، وفي الموسم التالي 15 مباراة فقط.
توالت الإصابات على النجم البرازيلي الأهم، وتنوعت، ليغيب عن ناديه بمجمل 700 يوم من أصل 2495 يومًا قضاها في باريس، بما يوازي 28 في المئة من وقته.
ومع ذلك، فقد سجل نيمار 118 هدفًا في 173 مباراة، وأسهم في تحقيق الفريق لـ11 لقبًا، ليس منها دوري الأبطال.
لا يقتصر مسلسل إصابات نيمار على الأندية، آخر إصاباته القوية كانت مع منتخب البرازيل، قبلها تألق نيمار في كأس العالم 2014 على أرضه في البرازيل، لكنه لم يكمل مشواره في البطولة، قبل دقائق من فوز البرازيل في مباراة ربع النهائي ضد كولومبيا، حُمل نيمار من الملعب على محفة وهو يبكي من الألم بعد إصابته بكسر في عظمة ظهره نتيجة لالتحام مع مدافع كولومبيا خوان زونيجا.
في 2018، وعلى الرغم من التوقعات العالية قبل انطلاق المونديال أسهمت عودة نيمار من الإصابة بكسر في القدم في خروج البرازيل من الدور ربع النهائي، لم يكن في كامل جاهزيته.
كلاعب يعتمد على المهارة، والسرعة يتعرض دائمًا للركل من الخصوم، ولكن في الوقت ذاته، لا يعاني لاعبون مثله المعاناة ذاتها، ليونيل ميسي على سبيل المثال.
حسب مقربين من اللاعب، تكمن مشكلته في طبيعة حياته الصاخبة، كلاعب برازيلي، تعود على الاحتفال، والسهر، ألمح البرتغالي جورجي جيسيوس، مدرب الهلال، لذلك في تصريحات نقلها موقع "elgrafico عندما قال: "نيمار لديه شغف أكبر بأشياء أخرى ويضع هذه الأشياء الأخرى، والتي هي حياته الخاصة، في المقام الأول".
ربما لأن كل شيء كان متسارعًا في حياته الصعبة، لم يكن لديه الوقت لأن يلتقط أنفاسه، ويعيش حياته كمرهق، ويستمتع بالمال الذي تساقط عليه كالمطر، في كتابه "نيمار: قصتي: محادثات مع والدي" يقول نيمار: "لقد حدث كل شيء في حياتي في وقت مبكر جدًا، على المستوى الشخصي والمهني. أنا دائمًا أتعلم، يجب أن أفعل ذلك".
ويعترف في مكان آخر من الكتاب المنشور عام 2018، أنه ما زال يمارس كرة القدم، للمتعة، لفعل شيء يحبه، لا يكترث كثيرًا للفوز والخسارة، بحسب تفكيره: "كرة القدم هي لعبة أطفال يأخذها الكبار على محمل الجد. لكنها لا تحتاج إلى أن تكون جادة طوال الوقت، أريد أن أستمتع"، يضيف مستدركًا: "أريد أن أسعد الناس، أريد أن أستمر في الركض واللعب والمراوغة وتسجيل الأهداف. لطالما أردت أن أكون لاعب كرة قدم".
يقول في مكان آخر: "الشيء الوحيد الذي لا أتوقف عن ممارسته هو شغفي، فأنا أعيش كرة القدم وأتنفسها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، سواء أكان ذلك باللعب أو المشاهدة. وأحب مراجعة مباريات اللاعبين الآخرين حتى أتمكن من استيعابها".
قبل نحو خمسة أعوام، تساءل نيمار في حوار إذاعي: "ما هو مستقبلي؟ أين سأكون بعد عشرة أعوام من الآن؟ لا أعلم، أتمنى أن أتمكن من الاستمرار في القيام بما يجعلني سعيدًا"، مع توالي الإصابات، هذه الحيرة قد تكون هي ما تشكل شخصية نيمار.
اليوم يقول نيمار: "أولويتي الآن هي الاستشفاء بشكل جيد، وأن أعود للعب المباريات مرة أخرى، كما أضع كأس العالم للأندية مع الهلال هدفًا لي بسبب أهميتها للنادي"، ولكن يقينًا، لا شيء يضمن أنه سيكون موجودًا هناك، هو ذاته يعرف ذلك، اجتماع والده ومستشاره مع البرازيلي مارسيلو تيكسيرا، رئيس نادي سانتوس البرازيلي مع نيمار سانتوس، يلمح إلى أن نيمار قد يختم حياته الرياضية كما بدأها.
0 تعليق