نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أزمة المودعين في لبنان.. هل من حل قريب؟ - عرب فايف, اليوم السبت 11 يناير 2025 03:33 مساءً
ما زالت أزمة المودعين في لبنان مستمرة منذ عام 2019. ومع مرور أكثر من 5 سنوات على نشوئها، ما زال مصير الودائع غير واضح، وسط تساؤلات عدة حول كيفية معالجة هذا الملف في ظل الظروف السياسية الجديدة.
وقد ازدادت هذه التساؤلات بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، والذي تطرق إلى موضوع الودائع المحتجزة خلال إلقائه القسم الرئاسي. فهل نشهد انفراجاً قريباً في هذه الأزمة؟
بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان
بدأت الأزمة الاقتصادية في لبنان في أواخر عام 2019 عندما بدأت مؤشرات انهيار النظام المالي تتزايد بسبب الارتفاع الكبير في معدل الدين العام، وشهدت تلك الفترة تدهوراً لقيمة الليرة اللبنانية بشكل متسارع مقابل الدولار الأمريكي. فحتى صيف عام 2019، كان سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية يعادل 1500 ليرة مقابل الدولار، ليصل بعد ذلك إلى أكثر من 40,000 ليرة في السنوات اللاحقة. تواصل تراجع قيمة الليرة اللبنانية حتى سجل سعر صرف الدولار 100,000 ليرة لبنانية للدولار الواحد!
كان الاقتصاد اللبناني يعتمد بشكل كبير على النظام المصرفي الذي كان يعتمد بدوره على تدفق الأموال من الخارج، بما في ذلك أموال المغتربين، لتمويل العجز الحكومي والإنفاق العام.
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 17 تشرين الأول 2019، وتزامنها مع تراجع تدفق الأموال الخارجية وارتفاع الدين العام الذي تجاوز 170% من الناتج المحلي، بدأ النموذج المالي اللبناني بالانهيار، ودخل القطاع المصرفي في نفق مظلم، مما أدى إلى تجميد أموال المودعين في البنوك، وانتشار ظاهرة تباين أسعار الصرف، مما ألحق ضرراً كبيراً بالمدّخرات.
ويعزو د. حسن الموسوي، رئيس كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية ومؤلف كتاب “المرشد في الاقتصاد”، أسباب الأزمة إلى أن القطاع المصرفي كان يعتمد بشكل كبير على السياسات غير المدروسة التي ساعدت على تعميق المشكلة.
ويقول الدكتور الموسوي في مقابلة مع موقع المنار الالكتروني، “إن المصارف اللبنانية قد فشلت في إدارة المخاطر المالية، وكانت تعتمد على ودائع المغتربين للاستمرار، وهو ما جعلها عرضة لانهيار مفاجئ عندما توقفت تلك التدفقات المالية”.
ويضيف إن النموذج المالي المعتمد في لبنان كان “هشاً”، وكان يعاني من عجز في الحسابات الجارية والميزانية العامة، حيث كانت المصارف تمول الدولة بشكل مباشر، رغم علمها بالمشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني.
ويشير إلى أن عدم وجود أية إجراءات حازمة من قبل السلطات المالية والرقابية قد فاقم الأزمة، ويعتبر أن “النظام المصرفي بحاجة إلى إصلاحات جذرية وإعادة هيكلة فعالة، لا سيما بعد الانهيار الذي حدث”.
في السياق، يرى د. أحمد جابر، الباحث في الاقتصاد السياسي، أن الأزمة كانت نتيجة مباشرة لفشل سياسات الحكومة والمصارف في إدارة الأموال. ويقول في مقابلة مع المنار “إن مصارف لبنان كانت تجهل حجم المخاطر التي تتعرض لها أموال المودعين، حيث أقرضت الحكومة في ظل عجز مالي متزايد، مما أدى إلى انهيار الثقة في النظام المصرفي”.
ويؤكد أن المصارف اللبنانية لم تلتزم بمبدأ “سلامة تحصيل القروض”، مما أسهم في خلق أزمة عميقة. ويتابع د. جابر قائلاً: “كان هناك إهمال كبير في الرقابة على القطاع المالي، الأمر الذي أدى إلى تراكم الدين العام وانهيار قيمة الليرة”.
كيف ستتأثر هذه الأزمة بالعهد الجديد؟
تزامن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في مستهل العام 2025، مع طرح تساؤلات جديدة حول مصير الأزمة وخاصةً الودائع المحتجزة في المصارف.
ففي خطاب القسم، أكد الرئيس عون على أهمية حل الأزمة المالية والاقتصادية، وتخصيص الجهود لاستعادة الأموال المحتجزة. خطاب من شأنه أن يخلق شيئاً من التفاؤل، إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ هذه الوعود. فمما لا شك فيه أن انتخاب رئيس للجمهورية سيكون متبوعاً بتكليف رئيس جديد للحكومة اللبنانية، والذي بدوره سيكون مسؤولاً عن تشكيل الحكومة بالتنسيق مع الرئيس والجهات المعنية في البلاد.
يوضح د. أحمد جابر في هذا الصدد أن الحكومة المستقبلية بحاجة إلى اتخاذ خطوات سريعة للحد من تأثيرات الأزمة المصرفية، مشيراً إلى أن “المصارف يجب أن تبدأ بمبادرة حقيقية لاستعادة ثقة المودعين، والعمل على إطلاق خطة لإعادة هيكلة النظام المصرفي”. كما يؤكد على نقطة هامة وهي ضرورة عدم تحويل الودائع إلى قروض سيادية جديدة، لأنها ستعرقل أي محاولة لتحريك الاقتصاد اللبناني.
أما د. حسن الموسوي فيشير إلى أن الحلول يجب أن تكون شاملة، وتعمل على إعادة تفعيل البنية التحتية المالية في لبنان. ويضيف: “لا يمكن معالجة هذه الأزمة بمعزل عن إجراء إصلاحات حقيقية في القطاع المصرفي، والتي تشمل إعادة هيكلة المصارف وتصفية بعض المؤسسات المالية التي لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها.” وأضاف أنه يجب أن تتبع الحكومة سياسة مالية شفافة تضمن حقوق المودعين وتعزز ثقة المجتمع الدولي في الاقتصاد اللبناني.
تحليل الحلول المقترحة
تشير معظم التحليلات إلى أن الحلول طويلة الأمد للأزمة المالية تتطلب إصلاحات هيكلية جذرية. يمكن تلخيص بعض الحلول التي اقترحها الخبراء في النقاط التالية:
1- إعادة هيكلة النظام المصرفي: يتفق الخبراء على أن النظام المصرفي في لبنان يحتاج إلى إعادة هيكلة كاملة، تشمل تصفية المصارف المتعثرة وإعادة تقييم ودائع المودعين. يجب أن تكون هذه العملية منظمة بدقة وتحت إشراف رقابي دولي.
2- استعادة الثقة في الاقتصاد: من الضروري استعادة الثقة بين المواطنين والمصارف. وقد أشار د. أحمد جابر إلى أن المصارف يجب أن تتحمل المسؤولية في استعادة الثقة من خلال الشفافية في التعامل مع الودائع ومؤشرات السحب.
3- السيطرة على التضخم: طالما أن التضخم يبقى مرتفعاً وتواصل الليرة اللبنانية تدهورها، ستظل الأزمة المالية قائمة. يجب على الحكومة اتخاذ تدابير فعالة لاحتواء التضخم وتحقيق استقرار العملة.
4- محاسبة المسؤولين عن الأزمة: في حديثه، أكد د. حسن الموسوي على أن محاسبة المسؤولين عن الانهيار المالي في لبنان تعد خطوة أساسية لضمان عدم تكرار الأزمة مستقبلاً. ويجب أن تشمل المحاسبة المستويات كافة، بدءاً من السياسات الاقتصادية إلى إدارة المصارف.
تقرير مصور | ملف المودعين عاد من باب خطاب الرئيس العتيد فهل تتحقق امنياتهم؟
تحديات جمة تنتظر الرئيس العتيد.. ولن يكون آخرها أموال المودعين الذين ذاقوا الأمرين من الوعود دون أن يستعيدوا أموالهم، التي هي جنى عمرهم.
بالأمس، وفي إطار خطاب العهد، تعهد الرئيس جوزاف عون بحماية أموال المودعين. وقبل انتخاب الرئيس، حُرك هذا الملف في مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، ووقع يومها إشكال بين وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين والرئيس ميقاتي حول بند يتعلق بدمج المصارف، الذي اشتم منه البعض ضرب أموال المودعين، كما يقول العارفون.
مع العهد الجديد، هل سيتحقق حلم المودعين بعودة ما جنوه من عمرهم إلى جيوبهم؟ أم أن ما كُتب قد كُتب، خاصة أن الصندوق النقد الدولي اشترط مساعدة لبنان بثلاثة مليارات دولار مقابل تصفير الودائع؟
الخلاصة
مما لا شك فيه أن الوصول إلى حل لمشكلة المودعين هو مفتاح أساسي لإعادة إطلاق عجلة القطاع المصرفي، ومن ثم النهوض المالي. وهذا تحدّ كبير أمام العهد الجديد. فهل تكون الفترة المقبلة شاهدة على جهود حكومية للخروج بحل من هذا المستنقع الذي غرقت فيه أموال المودعين؟
المصدر: موقع المنار
0 تعليق