عاجل

أمهات غزة: صراع البقاء وسط الجوع والموت البطيء - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

 

بعد شهور من الجحيم الذي عاشته غزة، جاء وقف إطلاق النار ليكشف عن كارثة إنسانية لا تقل فتكًا عن الحرب ذاتها. لم يتوقف الموت، بل تغيّر شكله، وتحول إلى موت بطيء ينهش الأمهات وأطفالهن بفعل الجوع، المرض، وانعدام أبسط مقومات الحياة.

اليوم، لا تبحث الأمهات عن الأمان من الهجمات، بل يركضن بين الخراب بحثًا عن لقمة تطعم صغارهن الذين أصبحوا هياكل عظمية من شدة الجوع. الأسواق فارغة، المواد الغذائية شبه معدومة، والأسعار تفوق قدرة أي عائلة. الحليب للأطفال أصبح ترفًا، والطعام بات مجرد حلم بعيد المنال.

لم يعد هناك قنابل تسقط، لكن الوباء والجوع يفتكان بالناجين. الأطفال يصارعون أمراضًا قاتلة ناتجة عن سوء التغذية والمياه الملوثة، بينما انهار القطاع الصحي تمامًا، فلا أدوية ولا مستشفيات قادرة على استقبال المرضى. الجرحى يُتركون لمصيرهم، والمحتاجون للرعاية يموتون بصمت في ظل غياب أي مساعدة طبية.

آلاف العائلات التي فقدت منازلها لا تزال بلا مأوى، تبيت في العراء وسط البرد القارس، بلا طعام أو غطاء. الأمهات يحاولن حماية أطفالهن من البرد بقطع من القماش البالي، بينما تنهار أجساد الأطفال أمام أعينهن دون أن يتمكنّ من فعل شيء.

معظم المدارس دُمّرت، والبقية تحولت إلى ملاجئ مكتظة تفتقر لأبسط الخدمات. جيل كامل محروم من التعليم، يكبر في بيئة يائسة، بلا أمل ولا أفق. أطفال غزة لا يسألون عن ألعاب أو كتب، بل عن وجبة تسد رمقهم أو مكان يقيهم برد الليل.

العالم يتحدث عن هدنة، لكن الحقيقة أن الحصار لا يزال يخنق غزة، والمساعدات لا تصل إلا ببطء شديد، بينما يموت الأطفال من الجوع والمرض أمام أعين الجميع. لا كهرباء، لا مياه نظيفة، ولا غذاء. وقف إطلاق النار لم يكن نهاية الألم، بل بداية مرحلة جديدة من المعاناة، حيث الموت يأتي بصمت، دون ضجيج، وسط صمت عالمي مخزٍ.

إلى متى يستمر التجاهل؟

أمهات غزة لم يعدن يبكين خوفًا، بل من العجز أمام صغار يحتضرون جوعًا وبردًا. هذه ليست مجرد أزمة، بل إبادة بطيئة تجري على مرأى ومسمع العالم. أطفال غزة يستحقون الحياة، وأمهاتهم يستحققن الأمان والكرامة. فإلى متى يبقى العالم متفرجًا؟

 

.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق