كيف يمكن لدول الخليج خفض انبعاثات النقل واللوجستيات؟ - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

دبي: «الخليج»
أظهرت دراسة حديثة أجرتها «ستراتيجي آند» الشرق الأوسط، الذراع الاستشارية التابعة لشبكة بي دبليو سي، أنّ دول مجلس التعاون الخليجي أمام فرصة ذهبية لتعزيز التزامها الطموح بتحقيق الحياد الكربوني من خلال إحداث نقلة نوعية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. كما أظهرت الدراسة أنّ هذا القطاع يمثل ربع انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، وبالتالي يوفر فرصة ثمينة لإحداث تغيير ملموس، حيث تشير التحليلات إلى أنّ اتخاذ تدابير جادة وهادفة من شأنه أن يؤدي إلى تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أنشطة النقل والخدمات اللوجستية في المنطقة بنسبة تتراوح من 20% إلى 40%.
ومع التزام جميع الدول الخليجية بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 أو 2060، فقد أصبح من الضروري مراعاة الأثر البيئي لقطاع الخدمات اللوجستية، إذ قد يمتد تأثيره لما هو أبعد من حدود القطاع الذي يعتبر من القطاعات الأساسية الداعمة لغالبية القطاعات الاقتصادية، بدايةً من قطاع التصنيع ووصولاً إلى قطاع التجزئة، ولذا فإنّ الحدّ من الانبعاثات الكربونية الناجمة من القطاع اللوجستي قد يُسهم في تحقيق نتائج مضاعفة غير مسبوقة، لا سيّما وأنّ قطاع النقل والخدمات اللوجستية يشغل حيزاً كبيراً من اقتصاد المنطقة ويمتلك إمكانات كبيرة تفوق البصمة الواضحة والمباشرة التي يتركها القطاع.
وقالت مها رعد، الشريك في «ستراتيجي آند» الشرق الأوسط: «إنّ قطاع النقل والخدمات اللوجستية يعد من أكثر القطاعات المولدة للانبعاثات الكربونية، ويلعب دوراً محورياً في تمكين ودعم مكونات عدة من الاقتصاد، عالمياً وإقليمياً، ولذلك فإنّ إزالة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن القطاع أمر بالغ الأهمية، مع توفر فرصة للمبادرة بتلك الجهود على المستوى المحلي، وبالتالي تحقيق أثر قوي وملموس على أجندة الحياد الكربوني.»
وعلى صعيد الأسواق الخليجية سريعة النمو والحيوية، هناك إدراك واسع بأنّ عدم اتخاذ تدابير فعالة على المدى القريب يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع متوقع في نسبة انبعاثات الكربون بدلاً من انخفاضها، ممّا يهدد جهود الاستدامة في المنطقة، إذ كشفت آخر دراسة أجرتها ستراتيجي آند الشرق الأوسط عن ضرورة إحداث نقلة نوعية في العمليات اللوجستية وعدم الاكتفاء بالتحسينات التدريجية واعتماد ممارسات مبتكرة تضع الاستدامة في المقدمة دون المساس بالكفاءة أو النمو الاقتصادي.
إطار للتحوّل والتغيير
تحقيق أهداف إزالة الكربون الناتج عن قطاع النقل والخدمات اللوجستية في دول الخليج يتوقف على تضافر الجهود والتعاون المشترك بين الحكومات وقادة القطاع وغيرهم من الأطراف المعنية، مع ضرورة مواءمة إطار العمل واتخاذ تدابير مستقلة تستهدف قطاع الخدمات اللوجستية على مستوى العمليات اللوجستية العابرة للحدود والمحلية.
فعلى صعيد الخدمات اللوجستية العابرة للحدود، وخاصةً النقل الجوي والبحري، تتولى هيئات دولية مسؤولية تحديد أهداف الانبعاثات الكربونية، مثل المنظمة البحرية الدولية والاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، الأمر الذي يستلزم من دول الخليج العمل على تكييف لوائحها وأنظمتها التشريعية، مثل وضع معايير وحدود للانبعاثات الناتجة عن أنشطة الملاحة البحرية، وتطوير أو تهيئة البنية التحتية لتزويد السفن بالوقود البديل، مثل الميثانول، في الموانئ بما يضمن الالتزام بالمعايير الدولية,لتتبوأ بذلك دوراً ريادياً على الساحة العالمية في تسريع تطور مجال الوقود البديل
أمّا بالنسبة للخدمات اللوجستية المحلية، فمن الأمثلة الجديرة بالذكر على التحوّل في الممارسات المتّبعة الانتقال من نموذج التوريد في الوقت المناسب (Just-in-time Model) التقليدي إلى نهج أكثر توازناً لإدارة سلسلة الإمداد والتوريد، والانتقال من التوريد الذي يعتمد على جداول التسليم التي تركز على عامل السرعة إلى نهج يهدف إلى تحسين وترشيد الطاقة الاستيعابية، وتبنّي أنظمة تسليم متعددة الوسائط من أجل استخدام وسائل نقل أكثر استدامة وصديقة للبيئة.
التوجيه الديناميكي
يركز نموذج التوريد في الوقت المناسب على عاملي الكفاءة والسرعة، ولكنه غالباً ما يؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات، وبالتالي فإن الانتقال من هذا النموذج إلى نهج أكثر توازناً يمكن أن يساعد في إعادة ضبط العمليات بما يحقق الأهداف الاقتصادية والبيئية على حدٍ سواء، وبالمثل فإنّ ترشيد الطاقة الاستيعابية من خلال استراتيجيات، مثل التوجيه الديناميكي وتجميع الأحمال (load consolidation)، من شأنه أن يعالج أوجه القصور ويقلّل من رحلات المركبات غير المستغلة على النحو الأمثل، كما أنّ إدخال أنظمة النقل متعددة الوسائط، ومن بينها التوسّع في استخدام خطوط السكك الحديدية والنقل البحري في دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن أن يُساهم بدرجة كبيرة في الحد من الانبعاثات الناجمة عن النقل لمسافات طويلة، مع تحقيق وفورات في تكاليف التشغيل، وبالتالي يعد هذا التغيير ضرورياً لضمان الاستدامة في قطاع الخدمات اللوجستية.
ومن جانبه قال حمزة المنهي، المدير في «ستراتيجي آند» الشرق الأوسط: «إنّ تحقيق أهداف الاستدامة سيكون بمثابة تحد جاد بالنسبة للمنطقة الخليجية مقارنة بغيرها من المناطق لما تتمتع به من أسواق حيوية سريعة النمو، وعلى الرغم من هذه التحديات يُمكن للمنطقة أن ترسي معياراً عالمياً لقطاع لوجستي منخفض الكربون بالتركيز على التكنولوجيا والابتكار والتعاون المشترك.»
الأطراف المعنية ودورها الحيوي
يُمكن للحكومات أن تلعب دوراً حاسماً في نجاح هذا التحوّل على مستوى سياسات ولوائح العمل، إذ يُمكن لصانعي القرار تطبيق معايير الاستدامة الدولية، وتحفيز الممارسات الخضراء واستخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة، وتحديد معايير مقبولة للانبعاثات الكربونية. وعلى صعيد البنية التحتية، فإنّ ضخ الاستثمارات في التقنيات الصديقة للبيئة والوقود الأخضر، مثل الهيدروجين والديزل الحيوي، يمنح الفرصة لدول الخليج لاحتلال موقع الريادة عالمياً في مجال الابتكارات المستدامة في قطاع اللوجستيات.
كما أنّ الأطراف المعنية من القطاع الخاص، مثل شركات النقل والشحن ومقدمي الخدمات اللوجستية ومالكي البضائع (مثل شركات التصنيع وشركات التجارة بالجملة والتجزئة وشركات التجارة الإلكترونية وغيرها من الشركات) تتمتع بنفس الدور المحوري، حيث ينبغي على شركات النقل والشحن ومقدمي الخدمات اللوجستية تطبيق المعايير الدولية، وتكييف الشبكات اللوجستية بما يساعد على رفع الكفاءة، والترويج لاستخدام التقنيات الخضراء، مثل السيارات الكهربائية. كما يمكن لمالكي البضائع اعتماد التحليلات التنبؤية لترشيد عملية إدارة المخزون وتحسين عمليات التشغيل، مع إعادة النظر في توقعات التسليم السريع بما يحقق التوازن بين الاستدامة والأداء.
المستهلكون كذلك يؤدون دوراً ملموساً في التحوّل الواسع نحو الخدمات اللوجستية الخضراء بحرصهم على اختيار المنتجات والخدمات من الشركات التي تعطي الأولوية للممارسات المستدامة، مما يدعم الجهود المبذولة على مستوى القطاع للحد من انبعاثات الكربون.
الرؤية المستقبلية
يزخر قطاع الخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الخليجي بإمكانات هائلة تؤهله لتبوأ زمام الريادة عالمياً في مجال الاستدامة، بمساهمته في تحقيق أهداف الحياد الكربوني في المنطقة وتعزيز المرونة الاقتصادية والقدرة التنافسية، حيث يمكن للقطاع أن يحقق نتائج ملموسة من إحداث تغيير فعّال على مستوى البيئة والاقتصاد من خلال تضافر الجهود واتخاذ قرارات حاسمة.
وأخيراً، قالت مها رعد: «بينما نتطلع نحو المستقبل، فإنّ الطريق نحو تحقيق الحياد الكربوني لا يتعلق بالتغيير التدريجي فحسب، بل يتطلب إعادة التفكير في جميع الأساليب التقليدية مع التركيز على الابتكار وضمان الالتزام الجماعي، ولا شك أنّ دول الخليج تمتلك الرؤية المستنيرة والموارد اللازمة لترجمة هذا التحوّل على أرض الواقع.»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق