يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في قطاع الأعمال، بدءًا من أتمتة المهام وصولًا إلى تحليل كميات كبيرة من البيانات. ومع أن الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد في زيادة الكفاءة، وسرعة الإنجاز، والقدرة على التنبؤ، فإن السؤال المهم الذي يجب على الشركات التفكير فيه: هل يجب أن تعتمد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الحاسمة؟

في هذا المقال، سنوضح مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل والسلبيات المرتبطة باستخدامه لاتخاذ القرارات، وما النهج الأمثل الذي يجب أن تتبعه الشركات لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية دون الإضرار بمصالحها.

أولًا: مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال

تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال بطرق مختلفة، أبرزها:

معالجة البيانات وتحليلها

يتميز الذكاء الاصطناعي بقدرته على معالجة كميات كبيرة من البيانات وتحليلها بسرعة، واستخلاص رؤى قيّمة من تفاعلات العملاء وبيانات المبيعات والمعاملات المالية. وهذا يساعد الشركات في اتخاذ القرارات بذكاء بناءً على البيانات.

التحليل التنبئي

تساعد التحليلات التنبئية المدعومة بالذكاء الاصطناعي الشركات في توقع توجهات السوق، وسلوك العملاء، والمخاطر المتوقعة. وهذا يساعد أصحاب الأعمال في اتخاذ قرارات إستراتيجية واستباقية تضمن النجاح والمنافسة على المدى الطويل.

الأتمتة

تساعد الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تبسيط المهام المتكررة، مثل: إدخال البيانات، والإجابة عن استفسارات العملاء، وتجهيز الحملات التسويقية، مما يتيح المزيد من الوقت للنمو الإستراتيجي. ومن خلال تقليل عبء العمل اليدوي وتحسين الكفاءة، تتمكن الشركات من خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية.

التخصيص

يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات في تقديم تجارب مخصصة من خلال تحليل بيانات العملاء، مثل: التفضيلات، وسجل المشتريات، والسلوك عبر الإنترنت، لتقديم توصيات مستهدفة وحملات تسويقية دقيقة. وهذا يعزز تفاعل العملاء ورضاهم وولائهم، مما يمنح الشركات مزية تنافسية.

ثانيًا: اتخاذ القرارات بمساعدة الذكاء الاصطناعي

حتى مع هذه الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي في العمل، من المهم أن تدرك الشركات أن استخدامه مرتبط ببعض المخاطر؛ إذ يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الحدس البشري، مما يعني أن أصحاب الأعمال يجب أن يدرسوا بعناية متى يدمجونه في عمليات اتخاذ القرار لديهم وكيفية القيام بذلك بطريقة مناسبة.

وفيما يلي بعض الجوانب السلبية المرتبطة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الخاصة بالعمل:

نقص السياق والحدس البشري

يعالج الذكاء الاصطناعي البيانات بكفاءة، لكنه يفتقر إلى الحدس البشري والذكاء العاطفي، وفهم السياقات الثقافية، مما يجعله غير قادر على استيعاب الفروق الدقيقة أو الاعتبارات الأخلاقية. ومع أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم توصيات مبنية على البيانات، يظل الحكم البشري ضروريًا لاتخاذ قرارات متكاملة تراعي التأثيرات الطويلة الأمد.

التحيز في نماذج الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُظهر تحيزات بسبب البيانات التي دُرّب عليها، مما يؤدي إلى قرارات غير عادلة أو غير مناسبة في مجالات مثل: التوظيف، والإقراض، والتسويق. لذا، يجب على الشركات مراجعة أنظمتها بانتظام لاكتشاف أي تحيزات وتصحيحها، لضمان الحصول على مخرجات عادلة وأخلاقية.

مخاطر الأمن والخصوصية

تتعامل أنظمة الذكاء الاصطناعي مع كميات كبيرة من البيانات الحساسة، مما يجعلها عرضة للهجمات الإلكترونية وانتهاكات الخصوصية. ودون وجود تدابير أمنية قوية ستواجه الشركات مخاطر قانونية، وإضرارًا بسمعتها، وفقدان ثقة العملاء.

الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي

يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي دون رقابة بشرية إلى اتخاذ قرارات غير مناسبة، خاصة في الحالات المعقدة أو غير المألوفة. لذا، يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي مكملًا للخبرة البشرية وليس بديلًا عنها، للحفاظ على مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات الاستباقية داخل الشركات.

ثالثًا: النهج المتوازن بين الإنسان والذكاء الاصطناعي

تشير السلبيات المذكورة سابقًا إلى أن الشركات لا يمكنها الاعتماد بنحو كامل على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات الحاسمة، وتُعدّ الشراكة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي النهج الأكثر فاعلية لدمج الذكاء الاصطناعي في العمل؛ إذ يتولى الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات، والأتمتة، والتنبؤات، وأما البشر فيجب عليهم الإشراف على مخرجات الذكاء الاصطناعي، والتحقق من صحتها ومراعاة الجوانب الأخلاقية.

ولضمان تحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي في العمل، يجب على الشركات تحديد أهداف واضحة، وضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تتوافق مع رؤيتها، ومراجعة مخرجاته باستمرار لضمان الدقة والنزاهة. كما أن الشفافية ضرورية، إذ يجب أن توضح الشركات كيفية اتخاذ القرارات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وتنفيذ تدابير وقائية لتقليل التحيزات والمخاطر الأمنية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط