نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حين أبكانا الرويشد بشيء أعمق من الغناء وأصدق من الشعر - عرب فايف, اليوم الثلاثاء 21 يناير 2025 06:48 صباحاً
لحظاتٌ في الحياة لا تقاس بالزمن ولا تُوزن بالمقاييس المعتادة، تتجاوز حدود الظاهر وتغوص بنا إلى الأعماق، يتجلى فيها الإنسان بكل تناقضاته، ضعفه وقوته، ألمه وعظمته. حين يصير الألم جزءًا من الحكاية، لا كعائقٍ بل كجسرٍ إلى شيء أعظم. هناك، في مواجهة الحياة، تتحول كل خطوة إلى انتصار، وكل دمعة إلى لغة أصدق من أي كلمة.
على منصة «Joy Awards»، كان عبدالله الرويشد، وهو يتسلم من رئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ، جائزة «الإنجاز مدى الحياة»، أكبر من فنان وأبعد من رمزٍ موسيقي. كان تجسيدًا لحالة إنسانية خالصة، إذ وقف أمامنا كإيقاعٍ يعيد تعريف القوة، ولوحة ترسم ملامح إنسانية تتحدى لتبقى.
تلك اللحظات التي أبكانا فيها الرويشد، لم تكن مجرد مشهد عابر، بل مرآة عميقة تأملنا فيها حقيقتنا ككائنات تنحني لكنها لا تسقط، تعترف بضعفها لكنها لا تستسلم له. كان هناك، في تلك اللحظة، درسٌ مبهرٌ عن الإنسان حين يُصر على أن يبقى حاضرًا، رغم كل ما يُثقل خطاه.
حين أبكانا الرويشد على منصة «Joy Awards»، ليس بالأغنية هذه المرة، ولا بصوته الذي طالما حرك القلوب وأطلق العنان للأحلام. أبكانا بشيء أعمق، بشيء يشبه الروح وهي تناضل لتظل واقفة أمام ثقل الألم وعنفوان المرض.
صعد إلى المنصة، لكنه لم يكن الفنان الذي اعتدنا عليه، ذلك الجسد النابض بالحياة الذي يُشرّع أبواب الحب بصوته. كان رجلًا يواجه المرض بكرامة، والضعف بشموخ، والمجهول بشجاعة لا نعرفها إلا في القلوب العظيمة. كان يمشي متكئًا على محبته في قلوب من حوله، بدا شامخًا كمن يحمل على كتفيه إرثًا ثقيلًا من الفن والعطاء.
ما أبكانا في تلك اللحظة لم يكن مجرد عجز الجسد، بل عزيمة الروح التي تأبى أن تنكسر. رأينا فنانًا يقاوم كي يحتفظ بوهج حضوره، يحاول أن يلم شتات الكلمات ليهذبها، أن يبتسم رغم أن التعب رسم على ملامحه ملامح أخرى.
أبكانا الرويشد لأنه جعلنا ندرك هشاشتنا كبشر، وحقيقتنا ككائنات تنحني أحيانًا، لكنها لا تسقط. أبكانا لأنه أعاد تعريف القوة أمام أعيننا، ليست القوة في الجسد ولا في القدرة على الغناء، بل في البقاء حاضرًا رغم الألم، وفي مواجهة الجمهور بعينين تغلبهما الدموع، وقلب يفيض بالمحبة.
سيبقى الرويشد علامة فارقة، ليس فقط في الأغنية الخليجية، بل في إنسانية الفن، تلك الإنسانية التي لخّصها في لحظة بكى فيها أمامنا، فأبكانا.
0 تعليق