نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اخبار الرياضة عمر مرموش.. قصة حلوة, اليوم الاثنين 20 يناير 2025 01:34 مساءً
كغيري من ملايين المصريين والعرب جلست أشاهد حلقة اللاعب عمر مرموش مع إسعاد يونس صاحبة السعادة حقًا وليس مجازًا، تابعت كيف بدأ اللاعب ومن هو مثله الأعلى وكيف تخطى الصعاب وأحلامه بعد أن بات على أعتاب نادي مانشستر سيتي تحت قيادة أحد أعظم المدربين في القرن الواحد والعشرين وأقصد بالطبع بيب جوارديولا، ليتيح لنا فرصة رؤية نجمين مصريين في البريميرليج هو والأسطورة العالمية محمد صلاح.
لكن بعيدًا عن ما قاله مرموش في هذا اللقاء، وبجانب الألقاب الفردية والتألق الاستثنائي هذا الموسم، ما أحسسته أو خرجت منه من ما يحدث مع عمر خلال الفترة الأخيرة، إننا أمام "قصة حلوة"، وقد يبدو التعبير فضفاض وقابل للتأويل من كل ناحية، لكني سأحاول أن أفسّره أكثر، فببساطة نحن معتادين على مقولة "من رحم المعاناة تولد الأساطير"، أي أن في عقلنا الجمعي هناك علاقة شرطية بين النجاح والمعاناة، وبالطبع رسّخ تلك النظرة مشوار محمد صلاح الذي نام على أرض ملعب المقاولون وتناول الكشري لأنه ليس هناك ما يسد جوعه بثمن زهيد سوى ذلك، وتلك البداية انتهت بأن دخل القصر الملكي البريطاني متوجًا بأرفع معاني التقدير العالمية.
هكذا كانت قصة صلاح، درامية، فيها المعاناة والألم والنجاح وما إلى ذلك، قصة لو رأيتها في فيلم ستجعلك تشعر بكافة الأحاسيس بداية من الشفقة ثم الفخر، أما مرموش فقصة أخرى، فيلم لو رأيته ستبتسم طوال الوقت، صحيح ستشعر في أحيان كثيرة بالتعاطف والألم لكن إيقاع مشاعرك سيكون أقل، وهدوءك سيكون أكبر، وابتسامتك لن تفارقك في الكثير من الأحيان.
حلاوة قصة مرموش بدأت من مصر، ومن طفل يعلم أباه الذي يمتهن التكنولوجيا أهمية كرة القدم، فهو ليس والد تقليدي يضرب ابنه أو يمنعه من ممارسة هوايته، وعلى الجانب الآخر كان هناك شقيقه الذي غرس فيه حب اللعبة أكثر وهكذا من البداية وُجد فريق حول الطفل الذي التحق بنادي وادي دجلة ليتعلم اللعبة على أصولها، وتلك حلاوة أخرى إذ أنه لم يتعرض لضغوط الأهلي والزمالك، ولم يُفتن بعدد الجماهير، ففي مناخ هاديء لعب وتعلم وحدد هدفه مبكرًا وهو السفر إلى الخارج.
طفل صغير كان على رجال المطار أن يستقبلوه لصغر سنه ويحجزوه في غرفة من أجل حمايته، هكذا كان سفر مرموش لقضاء معايشة مع أحد الأندية الأوروبية قبل أن يعود إلى الفريق الأول في وادي دجلة، استعدادًا لتلقي عرض هنا أو هناك وهو ما حدث بانضمامه إلى نادي فولفسبورج الألماني لينتقل إليه وبعيدًا عن كرة القدم، كان أول ما فعله أنه اتقن ثلاثة لغات هم الألمانية والفرنسية والإنجليزية، ليصبح بعد ذلك لاعب عالمي بحق، ولمعرفة أثر تلك الخطوة علينا أن نعرف أن هناك لاعبين مصريين فشلوا في الاحتراف بسبب عدم احتراف اللغة، وآخرون تعلموا وهم كِبار نسبيًا، لكن مرموش تعلم ذلك في أول أشهر له فبات حين يتحدث الآن يُنظر إليه كلاعب عالمي يمكنه الانتقال إلى دوري أوروبي دون المعاناة من التأقلم.
تطورت القصة شيئًا فشيئًا حين تنقل مرموش بين أندية ألمانيا سواء الدرجة الثانية أو الأولى حتى وصل إلى سانت باولي وشتوتجارت، وخلال تلك المسيرة لم يسمع المصريون عن بطلهم شيء ولم ينتظروا منه شيء، كانت الأنظار مكتفية بصلاح في البريمير ليج ومتابعة لمصطفى محمد الذي بدأ في الدوري الفرنسي، أما مرموش فهو ليس على الخريطة بالكامل حتى جاء المدير الفني لمنتخب مصر كارلوس كيروش وضمه إلى المنتخب فصار اسم اللاعب يتردد، رغم ذلك لم ينظر له أحد بنظرة النجم بل والبعض هاجموه وآخرون اعتبروه لاعب جيد في أحسن الأحوال.
لحظات يأس كثيرة وحزن أكبر عاشها مرموش، لكنه لم يحولها إلى دراما ولم يستجلب تعاطف الناس أو حتى يرد من باب "الشو"، لقد التزم الصمت والملعب الذي شهد على تطور مهاراته حتى انفجرت موهبته من بوابة نادي فرانكفورت فصال وجال في البوندسليغا محطما الأرقام ومنافسًا لأعتى المهاجمين مثل هاري كين، بل وصار أحد قادة الدوريات الخمس الكبرى بالأرقام خلال هذا الموسم.
هل استشعرتوا الآن حلاوة قصة مرموش التي أقصدها، اللاعب الهاديء المحتمي بأسرته، الشاب الذي سافر وعاني لكنها ليست معاناة الفقر بل معاناة الغربة والتأقلم ومطاردة الحلم، اللاعب الذي نساه الجميع فأحب هو ذلك لكي ينمي موهبته على مهل، واللاعب الذي لم يأخذ حقه وهوجم فصمت حتى وصل إلى ما يريد، هكذا هي القصة الحلوة بكل عناصرها، القصة التي تبدأ فصل جديد لو انتقل مرموش إلى مانشستر سيتي ليلعب تحت قيادة جوارديولا وليؤكد أن مسيرة تألق المصريين في الملاعب الكبرى ستتجدد.
0 تعليق