مرصد مينا
في ظل موسم الإنفلونزا الذي يزداد في فصل الشتاء، يبحث الجميع عن طرق لتعزيز جهاز المناعة والوقاية من الفيروسات.
ورغم أهمية اللقاحات في هذا الصدد، كشف العلماء عن دور حاسم لمادة غذائية معينة في تعزيز الدفاعات الطبيعية للجسم، وهي الألياف الطبيعية.
وأظهرت الأبحاث الحديثة أن هذه الألياف لا تقتصر فائدتها على تحسين صحة الأمعاء، بل قد تلعب دوراً كبيراً في الوقاية من الإنفلونزا وأمراض فيروسية أخرى.
دور الألياف الطبيعية في تعزيز المناعة
ووفقاً لدراسة نشرت مؤخرا في مجلة Trends in Microbiology العلمية ينصح الباحثون من جامعة هونغ كونغ بتناول الألياف الطبيعية الموجودة في الخضراوات والبقوليات والحبوب كجزء من النظام الغذائي، جنباً إلى جنب مع اللقاحات السنوية ضد الإنفلونزا.
وتتمثل الفائدة الرئيسية للألياف في تحفيز نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، التي تساهم في زيادة إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFA)، وهي مركبات تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الاستجابة المناعية.
تأثير الأحماض الدهنية على مناعة الجسم
تتخصص الألياف الطبيعية في تعزيز نمو البكتيريا المعوية التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة.
هذه الأحماض تنتقل عبر الدورة الدموية إلى مختلف أجزاء الجسم، حيث تساهم في تعزيز مناعة الجسم ضد الفيروسات.
وأكد الباحث فرانسيس تشان من جامعة هونغ كونغ أن “الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة تعزز المناعة ضد الإنفلونزا والعديد من الفيروسات الأخرى”.
تأثير الأحماض الدهنية على الفيروسات
أجريت عدة دراسات في مختبرات متعددة، بما في ذلك الأبحاث على خلايا حية وأجسام حيوانية وأنسجة بشرية، لتقييم تأثير الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة على الفيروسات.
وأظهرت النتائج أن هذه الأحماض تساهم في تقليل شدة العدوى بفيروس الإنفلونزا A، كما تساعد في تقليل الحمل الفيروسي في الرئتين المصابة بالفيروس المخلوي التنفسي وفيروس الراينوفيروس.
وفي حالة فيروس سارس-كوف-2، أظهرت الأحماض الدهنية قدرة على منع الفيروس من الدخول إلى الخلايا وتكاثره.
التأثيرات السلبية على بعض الفيروسات
ومع ذلك، لم تكن جميع النتائج إيجابية. فقد أظهرت الدراسات أن الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة قد تسهم في تفاقم الالتهاب في بعض أنواع العدوى، مثل فيروس شيكونغونيا، وكذلك الفيروسات الكامنة مثل فيروس نقص المناعة البشرية وفيروس الهربس البسيط من النوع 1.
الجرعة المناسبة من الألياف لتعزيز المناعة
بينما لم يحدد العلماء جرعة معينة من الألياف، إلا أن الدراسات تشير إلى أن تناول الألياف من مصادر طبيعية يعتبر الأكثر فائدة.
توصي الإرشادات العامة بأن يتناول البالغون الذكور بين 30 إلى 38 غراماً من الألياف يومياً، بينما يجب على الإناث تناول ما بين 21 إلى 25 غراماً.
أما بالنسبة للأطفال، فالجرعة الموصى بها تتراوح بين 19 إلى 25 غراماً يومياً.
أفضل مصادر الألياف الطبيعية
يمكن الحصول على الألياف القابلة للتخمير، التي تتميز بأكبر قدرة على إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، من العديد من الأطعمة مثل التفاح والموز والتوت.
وكذلك الخضراوات مثل البصل والكراث، والبقوليات مثل العدس والحمص، بالإضافة إلى الحبوب والمكسرات والبذور.
البكتيريا المعوية وأثرها على المناعة ضد الإنفلونزا
يشير الباحثون إلى أن مرضى الإنفلونزا غالباً ما يعانون من نقص في البكتيريا المعوية المنتجة للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وهو ما يبرز دور ميكروبات الأمعاء في تعزيز المناعة ضد الفيروسات.
وبحسب تون هاين مين، أستاذ الطب في جامعة كولورادو، فإن “البكتيريا المعوية تلعب دوراً أساسياً في تقوية جهاز المناعة ضد الإنفلونزا”.
الخلاصة
بينما لا توفر الألياف الوقاية الكاملة ضد الإنفلونزا أو الفيروسات الأخرى، فإن زيادة تناول الألياف في فصل الشتاء قد يكون لها تأثير كبير في تقليل شدة الأعراض ومدة الإصابة، مما يعزز قدرة الجسم على مواجهة العدوى بشكل أفضل.
0 تعليق