من كان يحكم لبنان ؟! - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من كان يحكم لبنان ؟! - عرب فايف, اليوم الخميس 16 يناير 2025 11:24 مساءً

مع بداية الحرب الأهلية في لبنان العام 1975 سعى نظام البعث السوري على نحو حثيث إلى أن يجد لنفسه موطئ قدم راسخاً فيها، وقد وجد نظام حافظ الأسد الفرصة سانحة بعد نشوب الحرب الأهلية اللبنانية فتدخل فيها عسكرياً بذريعة حماية الفلسطينيين، ولا سيما عقب اجتياح الجيش الإسرائيلي لبنان هو الآخر.

في نهاية السبعينات سعى نظام البعث السوري بقيادة حافظ الأسد ونظام البعث العراقي بقيادة أحمد حسن البكر إلى تشكيل اتحاد يتناوب على رئاسته أحمد حسن البكر وحافظ الأسد، ولقد كان لكل فريق مسوغاته في هذا التحالف، إلا أن نائب الرئيس العراقي -وقتئذٍ- صدام حسين شعر أن هذا الاتحاد سيلقي به خارج السلطة التي طالما سعى إليها، وعندها وجد صدام حسين نفسه بين مطرقة عدوه في الشرق الخميني وسندان عدوه الآخر في الغرب حافظ الأسد، وما زاد الأمور سوءاً بالنسبة له وجود تكتل في حزب البعث العراقي كان يهدف لمنع صدام -المعروف بدمويته- من الوصول للسلطة، غير أن صدام (الذي كانت بيده مفاتيح الأجهزة الأمنية والعسكرية) تمكّن من إزاحة أحمد حسن البكر، ثم قام بإعدام كل من قاوم وصوله للسلطة في مجزرة شهيرة عرفت تاريخياً بمجزرة قاعة الخلد.

اتهم صدام حسين علانية حافظ الأسد بتدبير محاولة انقلاب ضد حزب البعث العراقي لمنعه من الوصول للسلطة، وهو ما أنكره الأسد، غير أن موازين القوى العسكرية بين سوريا والعراق كانت تميل لصالح العراق، ولاسيما عقب الضربات القاسية التي تلقاها جيش الأسد على يد الجيش الإسرائيلي في لبنان، لذلك تيقن حافظ الأسد من حاجة حزب البعث السوري لتحالف إقليمي يحميه من العراق شرقاً ومن إسرائيل –التي تكن العداء الشديد له- غرباً، لذلك لم يجد الأسد بداً من التحالف مع إيران لتكون الحليف الإقليمي له.

بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية كانت سوريا تقف مع إيران بشكل مباشر وغير مباشر ضد نظام صدام حسين، أما التدخل السوري في لبنان فقد تطلب إعادة ترتيب بشكل يسمح لسوريا بالتدخل في لبنان بشكل غير مباشر، وكان هذا الشكل هو محاولة تكوين مليشيات عسكرية تدين بالولاء لسوريا ولإيران في آن واحد، وهنا تم تأسيس حزب الله العام 1982 برعاية سورية وتحت مظلة إيرانية، وكانت سوريا تقدم الدعم العسكري واللوجستي لحزب الله ليكون واجهة للتدخل السوري في لبنان. ولحماية حزب الله قام الأسد بربط ما تبقى له من الجيش السوري في لبنان بفرع الأمن والاستطلاع ومقره قرية عنجر بلبنان، وقام حافظ الأسد بتعيين صديقه غازي كنعان رئيساً لهذا الفرع.

في المقابل واجه التدخل السوري السافر في شؤون لبنان امتعاضاً كبيراً من الرموز السياسية اللبنانية مثل كمال جنبلاط، وبشير الجميل، ورشيد كرامي، ورينيه معوض، وأخيراً -وليس آخراً- رفيق الحريري، الذين تم اغتيالهم جميعاً في ظروف غامضة. ومن المؤسف أن اختيار أي رئيس لبناني كان لا بد وأن يحظى بموافقة مباشرة من نظام الأسد، وذلك بعد التنسيق مع حزب الله. ويذكر نائب الرئيس السوري الأسبق عبد الحليم خدام أن بشار الأسد استدعى رفيق الحريري قبل مقتله بأيام -وبحضور غازي كنعان- مطالباً إياه بالموافقة على تغيير الدستور للسماح بالتجديد للرئيس إميل لحود لفترة ثالثة، وقد أخبر بشار الأسد رفيق الحريري مهدداً إياه بأنه هو من يقرر رئاسة لبنان.

قبل مقتل الحريري بعدة سنوات استدعى بشار الأسد صندوقه وصندوق والده الأسود في لبنان غازي كنعان وقام بتعيينه وزيرًا للداخلية، وعيّن عوضًا عنه رستم غزالة في نفس المنصب، وعقب مقتل الحريري تشكّلت لجنة أممية لكشف ملابسات اغتياله، وعندما زار الفريق الأممي دمشق والتقى غازي كنعان شعر الفريق الأممي بصعوبة استجواب كنعان داخل سوريا واقترحوا سماع إفادته خارج سوريا بعيداً عن ضغوط الأسد، غير أنه بعد أيام قلائل من مغادرة الفريق الأممي لسوريا أعلن تلفزيون دمشق انتحار غازي كنعان داخل مكتبه بمقر وزارة الداخلية.

من المؤكد أن سقوط نظام بشار الأسد سبقه السقوط المدوي لحزب الله ودحره من سوريا، وهو ما ساهم في إبقاء الأحزاب اللبنانية بعيدة عن التهديد السوري والإيراني معاً، مما أسهم في نجاح اختيار رئيس للبنان ورئيس وزراء لها بسهولة، غير أن لبنان بحاجة لدعم إقليمي ودولي حتى تتمكن حكومة الرئيس عون من الصمود في وجه تحدياتها، فالتخلي عن مساندة لبنان قد يفتح الباب مرة أخرى لبعض القوى الخارجية لتتدخل في الشأن اللبناني مرة أخرى، ولبنان اليوم عازم على عدم العودة للوراء، وهو ما سيعيد الأمل مرة أخرى لأن تعود لبنان لسابق عهدها دولة مستقلة بعيدة عن هيمنة بعض الدول الإقليمية.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق