عاجل

ما فرص المحافظين في إنقاذ الاقتصاد الألماني المتعثر؟ - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما فرص المحافظين في إنقاذ الاقتصاد الألماني المتعثر؟ - عرب فايف, اليوم الثلاثاء 25 فبراير 2025 09:26 صباحاً

تشهد ألمانيا تحديات جمة تهدد بتقويض مكانتها كصاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، فبعد عقود من الازدهار، يواجه اقتصاد البلاد اليوم رياحاً معاكسة تتمثل في شيخوخة القوى العاملة، ونقص الاستثمارات، وجمود تنظيمي.

وسط هذه الظروف، تبرز تساؤلات ملحة حول مدى امتلاك المحافظين بقيادة فريدريش ميرتس، الأدوات اللازمة لإنقاذ الاقتصاد الألماني المتعثر، وإعادة إحيائه؟

ومن المقرر أن يقود التحالف المحافظ المكون من الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي المسيحي ألمانيا مرة أخرى بعد الانتخابات الفيدرالية، التي جرت أخيراً، حيث تعني النتائج أن مرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس من المرجح أن يتم تنصيبه كمستشار ألمانيا خلفا لأولاف شولتز بعد انهيار ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب نهاية العام الماضي.

 ويشير تقرير نشره موقع "يورونيوز" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، إلى أن "ألمانيا بحاجة ماسة إلى إجراءات حاسمة لتجنب الركود. فالاقتصاد الألماني، الذي لطالما اعتمد على ثلاثية هشة من الطاقة الروسية الرخيصة، والمظلة الأمنية الأميركية، والسوق الصيني المزدهر، يواجه اليوم واقعاً جديداً يتطلب إعادة تقييم شاملة".

ويضيف التقرير: "وفي هذا السياق يبرز دور المحافظين، بقيادة فريدريش ميرتس، كقوة سياسية رئيسية قادرة على قيادة عملية الإصلاح. فالمحافظون، الذين يتبنون تقليدياً سياسات مالية محافظة، يواجهون اليوم تحدياً يتمثل في إيجاد التوازن بين الانضباط المالي والاستثمار العام الضروري لتحفيز النمو".

السياسة المالية

وبحسب التقرير، فإن "إعادة الضبط يجب أن تبدأ بالسياسة المالية. لقد حدّت (مكابح الديون الدستورية) في ألمانيا، التي تحدد العجز الفيدرالي بنسبة 0.35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بشكل كبير من الاستثمار العام. إن الحكمة المالية أمر يستحق الثناء، ولكن تطبيقها الصارم قد حرم البنية التحتية والرقمنة والتحديث الصناعي من الأموال التي تشتد الحاجة إليها. ففي عام 2021، بلغ الاستثمار العام 2.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي - وهو أقل بكثير من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 3.4 بالمئة".

 وتشير دراسة أعدتها جمعية صناعات الطاقة والمياه الألمانية (BDEW)  بالاشتراك شركة الاستشارات EY إلى أن ألمانيا يجب أن تستثمر ما لا يقل عن 600 مليار يورو على مدى العقد المقبل لتحديث البنية التحتية، وتعزيز التعليم، ودفع عملية إزالة الكربون - باستثناء الموارد الإضافية المطلوبة لزيادة الإنفاق الدفاعي. ويتغير الرأي العام وفقاً لذلك، إذ يدعم 55 بالمئة من الألمان الآن إصلاحات "مكابح الديون"، بما في ذلك 55 بالمئة من ناخبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) و41 بالمئة من مؤيدي الحزب الديمقراطي الحر (FDP).

نقص العمالة

ويمثل نقص العمالة تحدياً ملحاً بنفس القدر. إذ تتجه ألمانيا نحو فقدان سبعة ملايين عامل بحلول عام 2035، وهو تحول ديموغرافي يهدد بتقويض الإنتاجية. لرفع معدل النمو المحتمل لألمانيا إلى متوسطه طويل الأجل البالغ 1.1 بالمئة بحلول عام 2029 - بما يتماشى مع المتوسط من 2004 إلى 2023 - تشير الحسابات إلى أنه سيكون هناك حاجة إلى تدفق 1.5 مليون مهاجر في سن العمل.

 ومع ذلك، فإن الهجرة وحدها غير كافية. إذ يجب على ألمانيا أيضاً، وفقاً للتقرير، بذل المزيد من الجهد لدمج العمال المهرة في سوق العمل، لا سيما من خلال توسيع نطاق الوصول إلى رعاية الأطفال وإصلاح السياسات الضريبية، التي تؤدي حالياً إلى معدلات ضريبية هامشية مرتفعة للغاية على الدخل للعمالة الثانية في الأسرة.

  ولا تزال العقبات التنظيمية تشكل كابحاً كبيراً للنمو، وتنفق الشركات الألمانية حوالي 65 مليار يورو سنوياً على الامتثال والشهادات، في حين أن الانتظار لمدة 120 يوماً للحصول على ترخيص تجاري يتجاوز بكثير متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويوضح التقرير أن تبسيط التنظيم - خاصة في البنية التحتية والموافقات الصناعية - سيعزز القدرة التنافسية.  

نقاط قوة استثنائية

ويؤكد التقرير أنه على الرغم من هذه الرياح المعاكسة، تحتفظ ألمانيا بنقاط قوة استثنائية. تظل قاعدتها الصناعية رائدة عالمياً في التميز الهندسي، وهي ميزة حيوية في عصر التقنيات الخضراء والرقمية. وتتصدر ألمانيا الاقتصادات المتقدمة في براءات الاختراع للابتكارات الصديقة للبيئة. كما أنها تتصدر مؤشر الميزة النسبية لصندوق النقد الدولي للسلع الخضراء، متفوقة على الولايات المتحدة والصين، ولطالما أظهرت شبكتها من الشركات المتوسطة الحجم المتخصصة للغاية، والمعروفة باسم "ميتلستاند"، مرونة وابتكاراً.

 ومع ذلك، انكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 بالمئة في عام 2024، مسجلاً تباطؤاً سنوياً للعام الثاني على التوالي، وفقاً لبيانات من مكتب الإحصاء الألماني. وكانت روث براند، رئيسة وكالة الإحصاء الألمانية، قد قالت إن "الضغوط الدورية والهيكلية" حالت دون تحقيق تطور اقتصادي أقوى، وتشمل هذه الضغوط زيادة المنافسة في الصناعات التصديرية الألمانية في الأسواق الرئيسية، وارتفاع تكاليف الطاقة، وارتفاع مستويات معدلات الفائدة، فضلاً عن التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة".

 أجندة 2030

في حديث خاص لموقع " اقتصاد سكاي نيوز عربية" قال الخبير الاقتصادي حسين القمزي: “ستهدف السياسات المحافظة التي يقودها فريدريش ميرتس إلى إحياء أكبر اقتصاد في أوروبا، لكن نجاحها يعتمد على التغلب على العقبات السياسية وتحقيق توافق في برلمان منقسم. إن تحقيق هذا التوازن بين الإصلاحات الاقتصادية والإطار السياسي القائم عامل حاسم في تحديد مسار الاقتصاد الألماني في السنوات المقبلة".

 وأوضح القمزي أن "وصول فريدريش ميرتس إلى المستشارية يجلب معه أجندة تهدف إلى إنعاش الاقتصاد الألماني المتراجع. تتركز خطته، المسماة “أجندة 2030”، على تخفيض الضرائب، وتقليل معدلات الضرائب على الشركات، وتحفيز الأعمال التجارية لتعزيز النمو. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الإصلاحات يواجه تحديات سياسية واقتصادية كبيرة".

ولا يزال الاقتصاد الألماني يعاني من الركود، حيث خفضت الحكومة توقعاتها للنمو لهذا العام إلى 0.3 بالمئة فقط وقد تفاقمت الأزمة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، والعقبات البيروقراطية، واشتداد المنافسة العالمية، خاصة من الصين، طبقاً لما قاله القمزي.

وأضاف: "شهدت الانتخابات الأخيرة حصول تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU/CSU) بقيادة ميرتس على 28.5 بالمئة من الأصوات، ما يجبره على تشكيل ائتلاف لضمان أغلبية برلمانية. ويُعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الذي حصل على 16بالمئة فقط من الأصوات، شريكاً محتملاً، رغم وجود اختلافات جوهرية في السياسات، لا سيما بشأن الهجرة والاستراتيجيات الاقتصادية، لكن الوضع معقد بسبب صعود حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف، الذي ضاعف حصته إلى 21 بالمئة، إلى جانب تقدم حزب دي لينكه (Die Linke) اليساري.

 واختتم الخبير الاقتصادي بقوله: "معاً، يمتلك هذان الحزبان ما يكفي من المقاعد لتعطيل تعديل “كبح الديون”، وهو قانون دستوري يقيد الاقتراض الحكومي مما يعوق قدرة الحكومة الجديدة على تمويل مشاريع البنية التحتية وزيادة الإنفاق الدفاعي. وعلى الرغم من حالة عدم اليقين السياسي، استجابت الأسواق المالية بشكل إيجابي لنتائج الانتخابات. ولكن هناك تفاؤل أيضاً فقد ارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له خلال شهر، كما ارتفع مؤشر DAX بنسبة 0.7 بالمئة مع الفوز في بداية التداول، مما يعكس تفاؤل المستثمرين بإمكانية تحقيق استقرار سياسي وإصلاحات اقتصادية".

قائمة مهام طويلة أمام ميرتس للوفاء بوعده  

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي علي حمودي في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن حكومة الائتلاف المحافظة الجديدة في ألمانيا تواجه تحديات صعبة من العلاقات الصعبة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إحياء الاقتصاد المتعثر. مشيراً إلى أن الفائز المحافظ فريدريش ميرتس الذي يجب أن يشكل حكومة ائتلافية خلال الأسابيع المقبلة، لديه قائمة طويلة من المهام التي يتعين عليه القيام بها للوفاء بوعده ببناء "ألمانيا التي يمكننا أن نفخر بها مرة أخرى". 

 ولكن مع استعداد ميرتس لتولي منصبه، من المقرر أن يظل نقاش الهجرة قضية مركزية في السياسة الألمانية، وأنه سيشكل السياسات المحلية والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، بحسب تعبيره.

 وأضاف حمودي: "من المرجح أن تواجه حكومة ميرتس قريباً دعوات لزيادة الإنفاق الدفاعي الألماني إلى 3 بالمئة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي في قمة الناتو في يونيو المقبل، حيث ستكثف مثل هذه المطالب الضغوط لإصلاح نظام كبح الديون في ألمانيا، والذي يحد من الاقتراض الحكومي السنوي إلى 0.35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما تريد العديد من دول الاتحاد الأوروبي من برلين عكس معارضتها للاقتراض الأوروبي للدفاع - ما يسمى بسندات اليورو. وعلى الرغم من موقفه الاقتصادي المحافظ مالياً، أشار ميرز إلى الانفتاح على كلا الخيارين، لكن لا يمكن التنبؤ بأي منهما الآن".

لكن الحقيقة هي أن الانتخابات تأتي في لحظة حساسة حيث يواجه أكبر اقتصاد في أوروبا عامين من الانكماش، وحرب روسيا في أوكرانيا، وتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحرب تجارية عالمية يمكن أن تعيق القطاع الصناعي المتعثر في ألمانيا، وفقاً لحمودي.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن ميرتس حذر خلال الحملة الانتخابية، من أنه "إذا فشلت الحكومة القادمة في إنعاش الاقتصاد والسيطرة على الهجرة، فقد يتولى حزب البديل لألمانيا السلطة في الانتخابات المقبلة، مما يعرض موقف ألمانيا في الاتحاد الأوروبي للخطر".

 وقال: "تعهد مير تس بالتحرك بسرعة وتجنب محادثات الائتلاف المطولة، والتي يمكن أن تستغرق غالباً أشهراً حيث تتجادل الأحزاب حول تفاصيل السياسة وتسعى إلى تأمين السيطرة على المناصب الرئيسية، مثل وزارة المالية".

ومع ذلك يرى حمودي أن "محادثات الائتلاف ستكون معقدة وعرضة للانتكاسات، مما يترك ثقة المستهلك والشركات ضعيفة، ويبقى أن نرى ما هي السياسات التي يمكن أن يتفق عليها شركاء الائتلاف، كما أنه ما لم تحقق الحكومة الجديدة تغييراً كبيراً، فسوف تظل الاستثمارات الأجنبية أيضاً متوقفة، وهو من شأنه أن يضعف التوقعات الاقتصادية لألمانيا، على المدى القصير على الأقل إلى أن تتضح هيكلة الحكومة الجديدة".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق