أثار قرار ھیئة الرقابة علي التأمین في الصین بالسماح لشركات التأمین باستثمار نسبة تماثل %1 من إجمالي أصولها  في "الذھب" الكثير من التكهنات حول الجدوى الاقتصادية من تبعات هذا القرار المفاجئ في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يمر بها العالم الاقتصادى في الوقت الراهن وبخاصة بعد الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أعلنت الصين سلسلة من الإجراءات الاقتصادية المضادة التي تستهدف شركات أميركية كبرى وقطاعات حيوية، مما ينذر بتصعيد جديد في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

وحول التبعات الاقتصادية من وراء هذا القرار في ظل الأوضاع الحالية قال محمد مهران خبير التأمين إنه یمكن النظر بخصوص هذا القرار إلي أن الصین تتحوط نتیجة لتوقع انخفاض القیمة الحقیقیة للاقتصاد الأمریكى، ومن الجانب الآخر تضغط علي الاقتصاد الامریكى عن طریق استبدال ماتملكه من سندات الخزانه والتى تبلغ 860 ملیار دولار بصورة تدریجیة، وربما یكون الاستثمار في الذھب المشار إلیه علي حساب سندات الخزانة الأمریكیة كرسالة مبدئیة یمكن ان یستتبعھا خطوات اخري قادمة.

وأضاف بقوله في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" بحسب ما طالعتنا به الاخبار قررت ھیئة الرقابة علي التأمین في الصین السماح لشركات التأمین (بما فیھا شركة Co Casualty & Property PICC وشركة China Co Insurance Life العملاقتین) باستثمار نسبة تماثل %1 من اجمالي أصولها (المقدرة بقیمة 4.3 تریلیون دولار) في "الذھب" وھو قرار تم تذییله بوصف "تجريبي" الا انه یحمل الكثیر من الرسائل ویمكن النظر الیه من اكثر من زاویة.

وأوضح مهران أن البعد الأول وھو البعد الخاص بالملاءة المالیة: فمن المعروف ان شركات التأمین بصفة خاصه تتحوط في اختیار المصارف التى تستثمر فیھا الأموال سواء الاموال التى تعود الي اصحاب المال او المساھمین equity s’Shareholder او الأموال التى تعود الي حملة الوثائق equity s’Policyholder ولذلك عادة ماتوجه غالبیة الأموال الي الاستثمارات المضمونه او التى تعرف بانھا "منعدمة المخاطر" Free Risk وفي الغالب الأعم تتركز في الاذون والسندات المضمونة من الدوله أو الدول الأخري وبالطبع فإن الذھب یعد من البنود التى لھا ضمانه عالیة جدا وتحتفظ الكثیر من البنوك المركزیة باحتیاطي ذھبي حتى ًان البنك المركزى المصرى قام بزیادة ارصدة الذھب لدیه بنحو %107.7 خلال عام ،2024 بزیادة قیمتھا 280.208 ملیار جنیه، لتسجل 540.4ملیار جنیه بنھایة دیسمبر الماضي وبالتالي فأنه لایوجد مایقلق من ناحیة الأستثمارفي الذھب

والبعد الثانى هوالبعد الأقتصادى فیما یتعلق بسوق الذھب : للمعلومیة فأن التقدیرات تشیر الي ان اجمالي ماتم تعدینه من الذھب حتى الأن یبلغ حوالي 209 الف طن یقدر بمبلغ 12 تریلیون دولار ، ویمكن تقسیم تلك الكمیة من الذھب الي %46 تقریبا یتم استخدامھا في المجوھرات ،السبائك والعملات المعدنیه حوالي %21 ونسبة %15 استخدامات صناعیة ومؤسسات بینما النسبة الباقیة تقریبا وقدرھا %17 یتم استخدامھا من قبل البنوك المركزیة .

والنسبة المقررة من ھیئة الرقابة الصینیة لشركات التأمین وقدرھا %1 التى تم الأشارة الیھا كاستثمار في الذھب –مع احتمالیة زیادتھا في المستقبل - مقدر أن تمثل حوالي 30 الي 40 ملیار دولار وھي نسبة لایستھان بھا من ناحیه تأثیرھا علي اسعار الذھب بصورة عامه والتى ترى ارتفاعا مطردا في خلال الاثنى ًعشرة شهرا الماضیة مع الاخذ في الأعتبار ان الذھب ھو معدن نفیس بطبعه ولاتزید كل أعمال التعدین المنتجه  عن3500 طن سنویا، اي اقل من %1.7 من اجمالي المخزون المتراكم.

ولایغیب عن الأذھان التطورات الحالیة التى یشھدھا الأقتصاد الأمریكي، سواء من ناحیة الحرب التجاریة التى تشنھا امریكا سواء علي حلفاءها او منافسیھا عن طریق فرض الضرائب الحمائیة، التى تھدف الي تشجیع المنتج المحلي وتضر بصورة كبیرة بالعلاقات التجاریة مع كافة الأطراف، وعلي رأسھا الصین، بالإضافة الي تشجیع الحكومه الامریكیه الحالیه الي الاستثمار في العملات المشفرة، وقام الرئیس ترامب باصدار عملته المشفرة قبل ثلاثة ایام من تتویجه رئیس لامریكا علما بأن تلك العملات لیس لھا غطاء نقدى وتمثل لغزا لایستفید منها الا المضاربین.

وأشار مهران الى انه یبقي السؤال ھل یمكن ان یستثیر ھذا القرار شركات اخرى او بالأحرى جھات رقابیة اخرى للسماح لشركات التامين بالاستثمار في الذهب، نظریا لایوجد مایمنع ذلك نظرا للملاءة المالیة المتوافرة للذھب كما اسلفنا ولكن تبقي السیاسة والواقع فأنه من المعلوم مؤخرا ان الحكومة الأمریكیة الجدیدة أعلنت في تھدید واضح ل البریكس بأنه اذا ماتم استبدال الدولار سیقوم بفرض رسوم جمركیة عقابیة تصل الي %100 علي منتجاتھا في اشارة صریحه بعدم السماح باتخاذ خطوات تسمح بتغییر الوضع الحالي من ھیمنة الدولار العالمیة.