«حق الليلة».. توزيعات الفرحة على الصغار والكبار - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

* أم ناصر: مناسبة تجمع العائلة في بيت الجد سنوياً
*هند المزروعي: نحتفل أياماً لتعزيز روح المشاركة
* سليمان الشامسي: إرث ثقافي يعكس الهوية الوطنية

* أمل الكعبي: تعلّم الأطفال التكافل والتراحم والعطاء
الشارقة: هدى النقبي وسارة المزروعي
مع حلول منتصف شهر شعبان المبارك، تنطلق احتفالات «حق الليلة» في مختلف مناطق الإمارات، وتعيش الأسر والمؤسسات أجواءً استثنائية في مناسبة تجمع بين التراث والفرحة الاجتماعية التي تعم كل الفئات.
يعيش الأطفال فرحة خاصة تتجسد في الأهازيج الشعبية، والأزياء التقليدية، وجولاتهم في الأحياء مرتدين اللبس التراثي حاملين معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى والمكسرات من المنازل المجاورة، وهم يرددون أناشيد خاصة بهذه المناسبة، مثل:«عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم».
تعد مناسبة «حق الليلة»، أو «القرقيعان»، كما يسميه البعض، من التقاليد التراثية العريقة التي تعكس روح الكرم والتلاحم المجتمعي.
ويحرص الأهالي على استقبال الأطفال بفرح وتقديم الهدايا والحلوى، ما يخلق جواً من الألفة والبهجة ويعزز التلاحم بين أفراد المجتمع.
لا تقتصر هذه المناسبة على الاحتفال فقط، بل تحمل في طياتها معاني تربوية واجتماعية، حيث تسهم في تعليم الأطفال قيمة العطاء والتواصل وتعزيز الهوية الوطنية، كما تعتبر استعداداً نفسياً واجتماعياً لاستقبال رمضان، إذ تبث في النفوس روح الإخاء والتسامح قبل حلول الشهر الفضيل بأسابيع قليلة.
وتحرص العديد من المؤسسات والمدارس في الإمارات على تنظيم فعاليات خاصة لإحياء هذه المناسبة، من خلال ورش عمل ثقافية ومسابقات تراثية، تهدف إلى تعزيز معرفة الأجيال الجديدة بموروثهم الشعبي، ما يضمن استمرارية هذا التقليد الأصيل عبر الزمن.
اللبس التراثي للأولاد يتضمن الدشداشة (الكندورة) والسترة ( الصديري) والقحفية، إضافة إلى النعال الشعبي، أما البنات فيلبسن المخور والثوب الملون والمطرز والمخنق على الرأس وتكون مطرزة بخيوط الزري من الذهب والفضة أو التلي.
ومهما كانت طبيعة الاحتفال، أو قيمة ما يوزع على الأطفال، يبقى رمزاً للتلاحم والحفاظ على التقاليد الاجتماعية رغم التطور الكبير.
أم ناصر تفضل الاحتفال بطريقة أكثر عائلية، إذ تجتمع العائلة الكبيرة في بيت الجد كل سنة. وتقول: في الماضي، كان الأطفال يخرجون في الحارات لجمع الحلوى، أما اليوم فنفضل الاحتفال داخل العائلة، ونزين المنزل مع الأطفال، ليشعروا بأهمية المشاركة في هذه الاحتفالية، ونحضر صناديق مملوءة بالمكسرات والحلويات وغيرها ونوزعها على الأطفال وهم يرتدون الملابس التراثية الجميلة ونشعر بقرب رمضان.
زينة وأكلات
ليلى (أم يعقوب) تحرص سنوياً على تجهيز كل ما يلزم لإحياء المناسبة في منزلها، حيث تسعى إلى نشر البهجة والسرور بين الأهل والأطفال، ويتطلب ذلك تجهيزاً قبلها بأسابيع بتزيين منزلها بديكور تراثي يعكس أصالة الماضي، وتجهيز الأكلات الشعبية الإماراتية مثل اللقيمات والخبيص والهريس والجريش. والأهم عند الأطفال هو التوزيعات المتنوعة من الحلويات والمكسرات والهدايا بوضعها داخل «المخاريف» الملونة، مع الألعاب الشعبية مثل «الحيلة» و«خوصه بوصه» وفقرات رقص الأطفال على الأهازيج.
تقول هند سعيد المزروعي: تستعد عائلتي للاحتفال قبل حلول النصف من شعبان بعدة أيام بتجهيز الملابس التراثية التقليدية، إذ إننا ننتهز هذه الفرصة لتعريف أطفالنا بالنمط القديم في الزي، وتذوق ألذ الأطباق التراثية التي اعتدنا في مجتمع الإمارات على تقديمها في المناسبات مثل الأعراس وبعض التجمعات العائلية.
وتضيف: احتفال عائلتنا لا يقتصر على يوم النصف من شعبان، فقد يمتد لأيام، ليتشارك أفراد العائلة الممتدة من الأجداد والجدات والأبناء والأحفاد لتأكيد أن صلتهم من أولوياتنا في كل الأوقات لاسيما في «حق الليلة» لما تحمله هذه الاحتفالية من طابع تراثي جميل يسعد به أجدادنا وآباؤنا.
وتتابع: هذه التجمعات تتسم بروح المشاركة في الوجبات التراثية والحلويات التي تحمل لنا ذكريات طفولتنا وصبانا والمسابقات والأجواء التراثية التي تعزز القيم، وتجعلنا نعتز بما لدينا من موروث من آبائنا وأجدادنا نفخر بأن ننقله للأجيال الجديدة.
وتقول أم صالح عن تجربتها: في بدايات السكن في منطقة السيوح بالشارقة، اهتممت بلم الأهالي وتحفيزهم للمشاركة في كل الاحتفالات، ومنها «حق الليلة»، فكنت أَجْتَمع معهم لأيام وننسق للاحتفال وتوزيع الأدوار فيما بيننا. وفي كل سنة نحتفل بالنصف من شعبان في الحديقة العامة، ليستطيع الجميع الحضور والمشاركة ولرسم السرور على وجه الأطفال خاصة، فنحجز مساحة، ونبدأ بترتيب الديكور ووضع التوزيعات ونعلق الزينة ونوزع الأكلات الشعبية، وننقش الحناء على أيدي البنات. وإضافة إلى ذلك، نشجع الأطفال على التنافس بأفضل زي تراثي ونحدثهم عن سبب الاحتفال، وهو التهيئة لقدوم رمضان بكل عباداته.
أم علياء تؤكد أن التطور غيّـر من طريقة الاحتفال بـ«حق الليلة»، لكنها تحاول إيجاد توازن بين مظاهر الماضي والحاضر. تقول: «قديماً، كنّا نطوف الحارات بحرية، وكانت كل البيوت تستقبل الأطفال بأبوابها المفتوحة. أما اليوم، فأصبح الاحتفال أكثر تنظيماً، إذ تقام الفعاليات في المنازل أو المراكز التجارية. كانت أمهاتنا يجهزن الحلويات في أكياس قماشية بسيطة، لكن الآن أصبحت المنافسة كبيرة بالتنويع في الهدايا والتوزيعات. وتتابع: «أضفت لمسات حديثة على احتفالي بـ«حق الليلة»، مثل تصميم صناديق هدايا مزينة بأسماء الأطفال، ودمج شخصيات كرتونية محببة لهم، ووضع الحلويات والألعاب».
وتشير أيضاً إلى أن هناك تحديات تواجه الأمهات.
كرم وتواصل
حمدة سليمان، وهي أم لطفلين، تقول: «أحرص كل عام على الاحتفال بالمناسبة معهما؛ لأنه جزء من تراثنا الذي يجب ألا يندثر، إنه ليس مجرد توزيع للحلوى، بل هو مناسبة لتعزيز القيم الاجتماعية، مثل الكرم والتواصل بين الجيران وتبادل الحلويات والأكلات الشعبية، وأيضاً أحب أن أشرح لطفليّ معنى الأغاني التراثية التي نرددها، وأحكي لهما عن ذكريات طفولتي عندما كنّا نحتفل بـ«القرقيعان»بطريقة أبسط لكنها ملأى بالسعادة، واحتفالنا الآن هو جزء من الماضي، دون مبالغة وفرحة بقدوم رمضان».
وتشير إلى أنها تحرص على تحضير أكياس «حق الليلة» بنفسها، وتختار الحلويات التقليدية، مثل الفول السوداني واللوز، لكنها تضيف إليها بعض المفاجآت العصرية لجذب الأطفال.
أشارت أم حميد، إحدى المهتمات بالتراث، إلى حرص الأطفال في هذه المناسبة على ارتداء ملابس «القرقيعان» التقليدية، حاملين أكياسهم المخصصة لجمع الحلوى والنقود من بيت لبيت، بينما تردد الأهازيج التراثية التي تبعث البهجة في الأحياء. في المقابل، يستقبل الأهالي الزوار بحفاوة، مقدمين لهم الهدايا الرمزية والمأكولات الشعبية في جلسات تراثية.
وأضافت أن إعداد «الفوالة» يمثل جزءاً أصيلاً من هذا الاحتفال، إذ تسهم كل عائلة بطبق تراثي، ليتناول الجميع الطعام مع الضيوف الذين يرافقون أطفالهم أثناء جولاتهم لجمع الهدايا، إضافة إلى الحرص على توثيق اللحظات الجميلة بالتقاط الصور مع الشخصيات التراثية والأطفال.
ومع اقتراب وقت المغرب، يتفرق الجميع عائدين إلى منازلهم، في حين يجمع الأطفال حصيلتهم من الحلويات والنقود، ليحتفظوا بجزء منها، فيما يوزعون البقية على العمال والعاملات، في لفتة تعكس روح العطاء والتكافل الاجتماعي.
روح العطاء
أوضحت أمل سعيد الكعبي، مديرة مركز مسافي الثقافي الإبداعي، أن هذه المناسبة تحمل دلالات ثقافية واجتماعية عميقة، فهي تُبرز التراث الإماراتي الأصيل وتعزز الهوية الوطنية من خلال الاحتفاظ بالعادات والتقاليد القديمة، كما أنها تسهم في تعليم الأطفال قيم التكافل والتراحم، وترسخ مفهوم العطاء بينهم.
وأكدت أن«حق الليلة» مناسبة تقوي الروابط داخل المجتمع الإماراتي، فتسهم في تعزيز التواصل بين الجيران والأسر، وتشجع التعاون من خلال استعداد الأهالي لتحضير التوزيعات المختلفة، وأن أنشطة الاحتفال تجمع الناس معاً، ما يقوي العلاقات وينقل العادات والتقاليد من جيل إلى آخر، ليحافظ المجتمع بذلك على هويته المتجذرة.
وأضافت أن الاحتفال بهذه المناسبة يتم بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والثقافية والمجتمعية والتعليمية والمؤسسات المتخصصة بالتراث، وبعض المتطوعين.
أوضح سليمان الشامسي أن احتفالية «حق الليلة» تحتفظ بمكانتها في المجتمع الإماراتي، رغم تغيّر الزمن والوسائل المستخدمة في إحيائها. وأوضح أن هذه المناسبة ليست مجرد احتفال للأطفال، بل هي جزء من إرث ثقافي مشترك بين دول الخليج، يعكس الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية الأصيلة مثل العطاء والتكافل. وأضاف الشامسي أن استمرار هذه العادة عبر الأجيال يعكس حرص المجتمعات على المحافظة على تقاليدها العريقة، مشيراً إلى أن العائلات تشجع أطفالها على المشاركة في المناسبة، بدءاً من التعريف بها إلى التجهيز لها داخل المنازل بتوزيعات مخصصة، ما يُرسّخ فكرة قرب رمضان في أذهان الصغار.
وتابع أن الاحتفال اليوم يمتد إلى المدارس والجهات المجتمعية، إذ أصبحت الأدوات والوسائل المستخدمة متوفرة ومتنوعة، مقارنة بما كانت عليه في الماضي. وأشار إلى أن التجمعات العائلية، وخصوصاً في منزل الوالد، تلعب دوراً كبيراً في تعزيز روح المناسبة، إذ يلتقي الكبار والصغار لمشاركة الذكريات والحكايات التراثية مع الأطفال.
وبرغم أن التكنولوجيا الحديثة ساهمت في زيادة الوعي حول هذه المناسبة وأهميتها، فإن الفهم والتقدير لها يختلفان بين الأجيال، وفق الشامسي، إذ كانت معانيها وقيمها أكثر بساطة وأصالة في السابق، بينما أضاف الزمن الحالي طابعاً أكثر تطوراً ووسائل أكثر تنوعاً لإحيائها.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق