نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خليفة بن أحمد.. قائد عسكري مكافح في سبيل الحق والمجد - عرب فايف, اليوم الاثنين 10 فبراير 2025 02:53 صباحاً
ويمثل هذا اليوم مناسبة وطنية عزيزة ذات مكانة راسخة في قلب كل مواطن بحريني، بل هو يوم للفخر والاعتزاز بهذا الصرح الوطني الشامخ، كيف لا وهو صاحب الدور الأسمى في الدفاع عن أمن الوطن وعروبته وسيادته واستقلاله وشرعيته الخليفية ومنجزاته التنموية وحياة من يعيشون على ترابه.
في العام الجاري (2025) يكون قد مرّ على تأسيس قوة دفاع البحرين نصف قرن ونيف، شهد خلاله هذا الصرح الوطني تطورات كثيرة لجهة التدريب والتسليح والتأهيل والعطاء والإنجاز والتصنيع الحربي والمشاركة في عمليات الإغاثة، ما جعله عنواناً للتضحية والفداء والبسالة والإنسانية.
ولئن تحقق ذلك بفضل من الله وتوفيقه ثم بتوجيهات ورعاية ملكية سامية ومستمرة، فإن قسطاً منه يُعزى إلى جهود معالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين.. الشخصية القيادية الخلّاقة التي أعطت الكثير للبحرين ونافحت عن أمنها واستقرارها وشرعية نظامها فأحبه البحرينيون وبادلهم هو الحب مضاعفاً، بل الرجل الذي كان منذ شبابه عوناً وظهيراً وساعداً أيمن ورفيق سلاح للملك حمد. ولهذا رأينا أن احتفال البحرين بالذكرى الـ57 لتأسيس جيشها هذا العام فرصة مناسبة لتوثيق سيرة قائدها العام، معتمدين بصورة رئيسية على ما ورد في كتاب «خليفة بن أحمد.. السيرة والمسيرة»، وهو مؤلَّف تم تدشينه في نادي الضباط بالمنامة في عام 2017، ورصد مؤلفاه (الأستاذ سعيد بن عبدالله الحمد والعقيد الركن عبدالله بن سعيد الكعبي) في فصوله الستة معالم ومنعطفات من حياة معالي المشير الخصبة والمكتنزة منذ صباه بقصص الكفاح في سبيل الحق والمجد، ناهيك عن أن الكتاب يُعد مرجعاً لتاريخ البحرين العسكري في العصر الحديث.
وأتذكر هنا ما قاله صديقنا الإعلامي الراحل سعيد عبدالله الحمد، رحمه الله، في حفل تدشين الكتاب من أن «خليفة بن أحمد من الشخصيات النادرة التي لا تحتاج إلى لقب أو توصيف يسبق اسمها، فقامتها في المشهد فوق هامات الألقاب والتوصيفات، وتاريخها وضع نقطة البداية لفصول لا تنتهي من مواسم البذل والإنجاز»، مضيفاً: «كل شيء محكوم بالقوانين إلا المحبة، فهي نبع طبيعي تلقائي، وهكذا محبة الناس لخليفة بن أحمد تفيض حباً لقامة وطنية تعرفونها جيداً، فخليفة بن أحمد لا ينسب مشاريع قوة دفاع البحرين إلى نفسه ولكن تأبى مشاريعها إلا انتساباً إليه».
وُلد الشيخ «خليفة بن أحمد بن سلمان بن خالد بن علي بن خليفة بن سلمان بن أحمد بن محمد الفاتح» بمدينة المحرق في 24 فبراير 1946، ابناً ثانياً لوالده الذي انتقل في عام 1950 مع أسرته من المحرّق للإقامة في الرفاع، حيث نشأ وترعرع الشيخ خليفة، وحيث جمعته الأقدار بصداقة عمر مبكرة ورفقة سلاح مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة المولود بعده بأربع سنوات، وتحديداً في 28 يناير 1950. تحدث الشيخ خليفة بن أحمد عن هذه الفترة من حياته، فقال ما مفاده إنه كان يلعب مع جلالته في «حوشهم» كل ما يخطر على البال من ألعاب مثل ركوب «السياكل» و«الصعقير» و«الكيرم»، وإنهما كانا يخرجان في رحلات برية مرحة للتعرف على الطبيعة وممارسة صيد الطيور، ثم توثقت علاقتهما أكثر فأكثر من خلال ممارسة الهوايات المشتركة مثل ركوب الخيل والقنص والسباحة والرماية وكرة القدم والغولف والقراءة والاطلاع.
رباه والده، ذو النسب الرفيع والمقام العالي من نسل آل خليفة الكرام أصحاب المكانة العريقة في سجلات تاريخ الخليج منذ القرن الثامن عشر، تربية حازمة قوامها الالتزام بمبادئ الدين والتمسك بالعقيدة الإسلامية والأخلاق العربية الأصيلة، فنشأ كريماً عطوفاً متواضعاً وشجاعاً لا يهاب المحن. ولعل ما أثر فيه كثيراً وغرس بداخله حب الوطن والذود عنه وهو لم يزل طفلاً صغيراً، حكاية رواها بنفسه ومفادها أنه كان مع والده في سن الثامنة على ساحل جزيرة سترة خلال فترة «المقيظ»، حينما تصدى الأب لمجموعة أغراب متسللين من إيران، وقام هو من جانبه بتصويب بندقيته الصغيرة نحو المتسللين لإخافتهم ريثما تأتي الشرطة للقبض عليهم. لقد انغرست تلك الحادثة بتفاصيلها في وجدانه وجعلته يقرر في تلك السن المبكرة أن يغدو جندياً في المستقبل يدافع عن وطنه ضد الأخطار. وهو ما حدث بالفعل.
يقول الشيخ خليفة بن أحمد إن قرار انخراطه في الحياة العسكرية بدأ لحظة أن سأله مليكه في أحد الأيام عمّا سيفعله بعد الانتهاء من مرحلة الدراسة الثانوية، ويضيف: قبل أن أجيب على السؤال كان الملك يشرح خطته ونيّته في تأسيس جيش وطني بحريني، فخفق قلبي وأجبته بلا تردد «وأنا معك». ويستطرد معاليه: «وهكذا بدأت الخطوة الى الحلم القديم الذي ظل بداخلي وملازماً لي (العسكرية هي عنواني وهي مستقبلي وهي محط تفكيري منذ الطفولة)، وكان حديث جلالته ذاك هو بوابة الطريق الى تحقيق حلمي الذي ظل يسكنني لسنوات وسنوات، إنها ليست صداقة ولكنها عمر وحياة ونبض».
وعليه فما إنْ تخرج من الثانوية في عام 1966 حتى شرع في تحقيق حلمه القديم، فانضم إلى «الحرس الوطني» وهو التشكيل العسكري القائم آنذاك قبل تأسيس قوة الدفاع، ثم التحق بأكاديمية ساند هيرست الملكية البريطانية وتخرج منها في 19 ديسمبر 1968، وهو العام نفسه الذي أنهى فيه الملك حمد بن عيسى علومه العسكرية في كلية مونز الحربية للضباط بمدينة «درشوت هامبشاير» وأكاديمية ساند هيرست البريطانيتين. بعد ذلك أنهى الشيخ خليفة بن أحمد العديد من الدورات العسكرية في عدد من البلاد العربية والاجنبية، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان بالمملكة المتحدة في 27 أكتوبر 1972.
ومذّاك وحتى صدور أمر ملكي في السادس من يناير 2008 بتعيينه قائداً عاماً لقوة دفاع البحرين، ثم صدور أمر ملكي آخر في التاسع من فبراير 2011 بترفيعه من رتبة فريق أول ركن إلى رتبة مشير، وذلك خلال احتفال أُقيم بقاعدة الرفاع الجوية بمناسبة يوم قوة الدفاع الثالث والأربعين وتدشين طائرات بلاك هوك (M). تدرّج الشيخ خليفة بن أحمد في مناصب ومهام عسكرية عديدة. فقد عُيّن مساعداً لآمر جناح المجندين بمركز تدريب قوة الدفاع بتاريخ العاشر من أبريل سنة 1968، وفي عام 1969 تولى قيادة طابور تخريج أول دفعة مجندين من منتسبي قوة دفاع البحرين، وفي العام نفسه تم تعيينه قائداً لسريّة المشاة الأولى بكتيبة المشاة الآلية الأولى، وفي العام التالي (1970) تولى قيادة كتيبة المشاة الآلية الأولى، ليصبح في 19 يناير 1974 رئيساً لهيئة أركان قوة دفاع البحرين بموجب أمر أميري صادر من الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيّب الله ثراه. وبعد مضيّ 14 عاماً على ذلك، وتحديداً في 13 مارس عام 1988، أصدر الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمراً أميرياً يقضي بتعيينه نائباً للقائد العام لقوة دفاع البحرين، كما أصدر سموه رحمه الله في التاريخ نفسه أمراً آخر بتعيينه وزيراً للدفاع، ليتلو ذلك أمر أميري من قبل سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في 29 يناير 2001 بترقيته إلى رتبة فريق أول ركن.
العرض العسكري الأول
من خلال كل هذه المناصب، بذل الشيخ خليفة بن أحمد أدواراً مختلفة ومتنوعة في تأسيس وبناء وتطوير قوة الدفاع ونقله إلى مكانته الحالية الرفيعة. وفي هذا السياق تحدث الرجل عن العرض العسكري الأول للقوة الذي أُقيم بمنطقة الصخير في 3 فبراير سنة 1971، فقال: «في هذا العرض كنت قائد كتيبة المشاة الأولى برتبة نقيب، وشاركنا بعدد ثلاث سرايا مشاة وسريّة إسناد. لقد كان استعدادنا كبيراً وأجرينا الكثير من البروفات الدقيقة وتحمّل جنود المشاة العبء الأكبر لأن مسافة الاستعراض التي يقطعونها كانت طويلة وهم يؤدون واجباتهم بشدة وبأس. وفي الحقيقة أن الكل كان يعمل بجد وإخلاص متحملين المسؤولية لإنجاح أول استعراض عسكري تحت رعاية المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه».
نال الشيخ خليفة بن أحمد خلال مسيرته العسكرية الوضّاءة العديد من الأوسمة والأنواط المحلية والعربية والدولية ومنها: وسام أحمد الفاتح، وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وسام البحرين، وسام تقدير الخدمة العسكرية، وسام الواجب العسكري، نوط تحرير دولة الكويت، وسام الدفاع الوطني من دولة الكويت، وسام تحرير دولة الكويت، وسام الاستحقاق من الولايات المتحدة الأمريكية، وسام درع الجزيرة من المملكة العربية السعودية، نوط التعاون العسكري من دولة الإمارات العربية المتحدة، وسام الاستحقاق من المملكة الأردنية الهاشمية، وسام الاستحقاق من جمهورية مصر العربية، وسام الرافدين من الجمهورية العراقية، وسام الاتحاد الدولي للرياضة العسكرية (السيزم).
لمعالي المشير خليفة بن أحمد دور خالد في تاريخ البحرين المعاصر لن ينساه البحرينيون المخلصون ما حيوا. ففي فبراير من عام 2011 حينما واجهت البلاد فتنة كادت تمس أمن الوطن والمواطن وتُشيع الفوضى وعدم الاستقرار، تأثراً بما أُطلق عليه زوراً اسم «ثورات الربيع العربي»، قام الرجل بما يمليه عليه واجبه كقائد عام لقوة دفاع البحرين بالتصدي للمؤامرة وإحباطها، خصوصاً مع صدور المرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية في جميع أنحاء مملكة البحرين لمدة 3 أشهر، وتكليف القائد العام لقوة الدفاع باتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة المملكة والمواطنين.
الوحدة الخليجية تقوية للبحرين
وفي مقابلة أجرتها صحيفة «الرأي» الكويتية مع معاليه بتاريخ 11 مارس 2012، تحدث المشير بشفافية عن تلك الأحداث فأوضح أن هناك أجندات خارجية لا تريد لدول الخليج العربية أن تستقر، مضيفاً: «هناك منظمات وأحزاب في الخارج تدعم هذا التوجه وتدفع أموالاً لكي تخرّب وتدمر وتغيّر نظام الحكم في البحرين ودول الخليج العربية، ونحن على دراية بهذه المنظمات والدول»، ثم شدّد على أن البحرين بخير «وستظل بمشيئة الله كذلك، فهي حصن لجزيرة العرب، والحصن لابد من تقويته بالدروع لكي لا يُخترق»، مؤكداً أنه لن يسمح كمسؤول بأن يحدث تعطيل لمصالح الناس وأعمالهم، أو إضرار باقتصاد البلاد القائم على التجارة وحركة المال والأعمال من قبل دعاة الشغب والفتنة المرتهنين للأجندات الخارجية، ومؤكداً في الوقت نفسه أن قوة الدفاع قادرة، بمشاركة الحرس الوطني وقوات الشرطة وقوات درع الجزيرة، على بسط النظام والأمن والاستقرار في ربوع البلاد.
وفي ردّه على سؤال حول الأخطار المحيطة بالمنطقة التي دعت العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز طيب الله ثراه في ديسمبر 2011 إلى طرح مشروع الاتحاد الخليجي قال معاليه ما مفاده إن البحرين هي حصن وبوابة من بوابات وحصون قلعة شبه الجزيرة العربية، وبالتالي فإن الوحدة الخليجية هي تقوية للبحرين وبقية الحصون والبوابات الخليجية، فإذا كانت القلعة بلا حصون قوية تدافع عنها وتدافع عن الشعوب والأعراض والأموال، صارت لقمة سائغة للغير، فالوحدة هي طوق النجاة لنا جميعاً.
0 تعليق