نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يا بخت من زار وخفف - عرب فايف, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 11:10 مساءً
السؤال هنا؛ هل ما زالت الأمثال الشعبية في زمننا هذا تصلح أن تكون كحكم، أم أصبحت مجرد نُكتة تقال حين لا نجد ما نقوله؟!
الأمثال الشعبية تراث مهم، إذ تعكس الثقافة والفكر الذي ساد في حضارات الشعوب عبر العصور. فالمثل الشعبي يعد تجسيداً حياً وواقعياً لتجارب الناس في الماضي، بما تحمله من مواقف متنوعة بين الفرح والحزن، والخير والشر، وغيرها من الحالات التي مروا بها في حياتهم اليومية.
ولقد توارث الأجيال الأمثال الشعبية عن أجدادهم كما لو كانت وصايا تميزت بالرسوخ والثبات في الذاكرة الشعبية، لتظل تتداول «قدر الإمكان»، ربما لأن الناس كانوا في الماضي يتحدثون بمعدل أقل وكانوا بحاجة إلى «حكم مختصرة» للتعامل مع كل شيء.
لا شك أن للأمثال الشعبية تأثيراً قد يكون إيجابياً أو سلبياً على النفس، وذلك وفقاً لمعانيها وما تحمله من رسائل، فقد كان أجدادنا، في أيام زمان، يرددون دائماً «على رأي المثل...» ثم يسردون المثل كدليل قوي على صحة آرائهم، كما لو أن المثل هو محامي الدفاع الوحيد عن مواقفهم.
ولعل المثال الحجازي القديم: «من قلة عقلك يا بدور خليتيني في الحارة مشهور» هو خير مثال. إذ يبدو أن صاحب هذا المثل كان يمر بتجربة مريرة مع زوجته بدور، التي على الأرجح كانت (منكده عليه عيشته) فهي من نوعية النساء اللواتي لا يفوتن فرصة لإزعاج أزواجهن، ويبدو أن بدور -الله لا يمسيها بالخير- في سعيها المستمر لإظهار إبداعها في النكد والانتقاد والمشاكل، قد أحرجت زوجها (الغلبان) حتى أصبح حديث الحارة وبسببها أصبح مشهوراً، ولكن بالطريقة التي لا يود أي رجل أن يكون مشهوراً بها.
بالطبع، الحديث في هذا الموضوع يطول، ولولا ضيق المقام لذكرت أمثالاً كثيرة قد يعتبرها البعض «سخيفة»، لكنها في واقع الأمر كانت تجارب حياتية عاشها أجدادنا، واكتشفوا أن أفضل طريقة لتوثيقها هي من خلال كلمات قصيرة تحمل بين طياتها حكمًا قد لا نستوعبها إلا بعد عقود من الزمن.
هؤلاء الأجداد، على ما يبدو، كان لديهم (بُعد نظر)، فقد كانوا يعلمون أننا في المستقبل سنغرق في البحث عن «تشابهات ثقافية» بين شعوب العالم، فقرروا أن يتركوا لنا هذا التراث من الأمثال التي تجسد رؤاهم وتجارُبهم، عسى أن نكتشف في كل مثل مرآة لعالمنا المعاصر.
على كل حال؛ في بعض مقالاتي حكم قد يتناقلها الأجيال بعد مرور خمسين عاماً، أريدهم فقط أن يذكروني بالخير ويقولوا عني حينها كانت (حكيمة Cute).
والآن وقبل أن تقولوا: «جات تكحلها عمتها» أختم هذا المقال التراثي بمثل آخر عظيم أحفظه، وأعمل به، وأعلقه في صدر مجلسي، وأترحم على قائله لأنه كان يعرف تماماً كيف يختصر الوقت والحياة بحكمته، ولأن الوقت قد حان فعلاً لتوديعكم أقول كما قال:
(يا بخت من زار وخفف).
0 تعليق