كيف كنا وكيف أصبحنا - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف كنا وكيف أصبحنا - عرب فايف, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 11:10 مساءً

أرسل صديق فاضل خواطر أحب مشاركتها معي، وجدتها تظهر كيف أصبحنا بعد زمن الغفوة. ورأيت أن وصفه للحالة التي نحن فيها جدير بالتنويه لما ورد في رسالته:

«في الرياض اليوم، ينبض الشارع بروح جديدة، كأنما الزمن نفسه قرر أن يعيد تشكيل ملامحه على وقع التحول الاجتماعي العميق. في المقاهي المزدحمة والطرقات المضيئة، لا تبدو العيون مشغولة بما لا يعنيها، بل كل فرد يبحر في شؤونه بهدوء واتزان، كأن احترام الآخر قد غدا قانوناً غير مكتوب لكنه محفور في القلوب. نساء ورجال، يجتمعون تحت سقف المساواة لا للتنافس بل للتكامل. الموسيقى الكلاسيكية تتسلل من زوايا المقاهي، تعزف سيمفونية تعبر عن انسجام الزمان والمكان؛ صوت أم كلثوم وهي تغني «أمل حياتي» يضفي على اللحظة عبقاً من الحنين والرقي، وكأن هذه النغمات باتت مرآة تظهر الصفاء الحضاري الذي يتشكل في تفاصيل الحياة اليومية. وصباح وهي تصدح بالمذهب (زي العسل على قلبي) تحدياً لكل الظروف المنغصة التي يعيشها إنسان اليوم...

في الرياض الأماكن العامة لم تعد مساحات للصيد أو الهروب، بل ساحات للحوار الراقي والتعايش الجميل. هنا تنمو الثقافة، وتزهر الأرواح في بيئة تحتفي بالإنسان كإنسان، دون تلصص أو قلق، كأنما هذه العَلاقة بين الناس والأماكن قد أصبحت تجسيداً حقيقياً للسلام الاجتماعي.

الرياض اليوم لوحة فنية نابضة بالحياة، تؤكد أن الحضارة ليست في البنيان فقط، بل في القلوب والعقول التي تبنيها...».

الصورة التي وصفها صديقي للرياض يشاركه فيها الرأي من زار الرياض أو كان أحد سكانها. التغير الذي جرى يعد نقلة ضوئية لم تكن لتحدث لولا الإرادة الصادقة في التطوير والتحديث والبناء والازدهار الذي كانت الغفوة تحاربه وتعمل على شل المجتمع وجعله مجتمعاً غير حي وغير متفاعل يميل إلى السير حسب ما يقوله أهل الغفوة الذين حرموا الحلال مثل تحريم إهداء المريض الورد وتحريم الألوان وغير ذلك من أشكال التنطع والغلو. أهل الغفوة كانوا يزعمون أن المجتمع غير قادر على حياة سوية وأنهم إذا تركوا رقابة الشارع لسادة الفوضى في المجتمع وحل نظام الغاب.

لقد خاب ظن أهل الغفوة فلم تسد الفوضى بل ساد الوئام والسلام، أو كما قال صديقي «كأن احترام الآخر قد غدا قانوناً غير مكتوب لكنه محفور في القلوب. نساء ورجال، يجتمعون تحت سقف المساواة لا للتنافس بل للتكامل». وما أجمل ما أشارت إليه الخاطرة «في الرياض الأماكن العامة لم تعد مساحات للصيد أو الهروب، بل ساحات للحوار الراقي والتعايش الجميل. هنا، تنمو الثقافة، وتزهر الأرواح في بيئة تحتفي بالإنسان كإنسان، دون تلصص أو قلق، كأنما هذه العَلاقة بين الناس والأماكن قد أصبحت تجسيداً حقيقياً للسلام الاجتماعي...».

لقد قتلت الغفوة في الماضي التأريخ مرة باسم الخوف من البدع، وآخر تحذيراً من الشرك، وأخرى التحذير من التشبه بالنصارى وما إلى ذلك من مبررات لطمس التأريخ وإخفاء الحقائق ولوي عنق الحقيقة. اليوم عدنا للتاريخ الناصع وأعادت الرؤية تاريخنا الإنساني الممتد في جذور الأرض وقديم بقدم بزوغ فجر الحضارة الإنسانية. ووضعت البرامج التي نرجو أن تتطور لتكون جذباً للسياحة الإسلامية كمشروع على خطاه، الذي يستحق أن يشكر عليه كل من عمل على إنجازه. وقد سبق وأن أشرت في مقال بعنوان «حلول وأفكار من ابتكارنا» إلى أهمية رعاية ما يميزنا من تراث وحضارة أهملنا جانبها المشرق وأدبياته وعلومه وفكره الثري بالمفاهيم وتمسكنا بجوانبه المظلمة. كثير من الجوانب العظيمة التي طُمست ممكن إحياؤها بواسطة منظومة فكرية حديثة واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية والأساليب والنظم والتقنيات الحديثة حتى تظهر بالمظهر اللائق والمميز والراقي.

وقد وعى الغرب والشرق ودوّل العالم المتقدم إلى أهمية سن القوانين والنظم لحماية حقوق الإنسان الأصيلة بعيدة عن التبعية والمرجعية البشرية باسم الدين وتحت غطاء محاربة الرذيلة التي في حقيقتها تهدف إلى السيطرة والنفوذ على حساب مصلحة الوطن والتنمية والاقتصاد، طال الزمن أم قصر فلا مكان في هذا العالم إلا للبناء والتطوير ومن لم يدرك ذلك فمصيره للطوى والنسيان وستجتازه الأحداث، فالشعوب خلقت للتعارف وليس للتنابذ والعنصرية والكراهية وادعاء الخصوصية.

الفرق هائل كيف كنا في ظلام وطمس وتضليل في عصر الغفوة وكيف أصبحنا في عصر الرؤية من تنمية وازدهار وبناء وتطوير. وبالله التوفيق.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق